عندما‭ ‬تلتقي 8 ‬فنّانات‭ ‬عربيّات‭ ‬متمكّنات‭ ‬في‭ ‬فيلم‭ ‬وثائقيّ‭ ‬واحد Strong‬‬

 

https://vimeo.com/309490453

 

في فيلمه الوثائقيّ الأخير Strong، يسلّط المخرج سليم صعب الضوء على 8 فنّانات عربيّات يتركن بصمتهنّ في المجتمع من خلال فنّ الشوارع، بدءاً برسم الغرافيتي ووصولاً إلى الغناء والرقص والفنون القتاليّة. اختار صعب 8 نساء استناداً إلى مواهبهنّ وشخصيّاتهنّ وجاذبيّتهنّ، ولأنّ كلّ واحدة منهنّ تختلف عن الأخريات. تتمتّع النساء الثماني بالشغف والعزيمة ويرفضن أن يكنّ ضحيّة الصورة النمطيّة للمرأة. تبرز كلّ واحدة منهنّ في مجالها بفضل مهاراتها وموهبتها وعملها وقوّتها. ويحترم سليم كلّ منهنّ ويقدّرها، وسبق أن دعاهنّ للمشاركة في برنامجه على الراديو قبل تصوير هذا الوثائقيّ الذي سيعرضه في مهرجان منظمّة العفو الدوليّة السينمائيّ الدوليّ الذي سيُقام في مارس 2019. اكتشفي معنا في هذا التقرير قصّة تلك النساء الموهوبات اللواتي شاركن في هذا الفيلم الذي يجمع الشغف الفنّيّ والطابع الأنثويّ القويّ.

 

أنت مقدّم برامج إذاعيّة وصحافيّ، فكيف بدأ مشوارك في مجال إخراج الأفلام الوثائقيّة؟

الصورة في أيّامنا غاية في الأهميّة، فتُستهلك يوميّاً في كلّ مكان. بدأ اهتمامي بالصورة والمرئيّات في العام 2008 ورحت أصوّر حفلات موسيقيّة ومشاهد من الحياة اليوميّة. وفي العام 2016، قرّرت تصوير فيلم وثائقيّ عن الهيب هوب في لبنان. وبما أنّني أغنّي موسيقى الراب بنفسي، أعرف جيّداً مشهد الهيب هوب في لبنان الذي يبرز بشكل هائل منذ 20 عاماً. لذلك كان من المهمّ بالنسبة إليّ الاحتفاء بهؤلاء الفنّانين وإظهار صورة بيروت الفنّيّة والعاطفيّة من خلاله.

اقرئي أيضاً: عندما يصبح الفنّ أداة تمكين للمرأة العربيّة مع Lalla Essaydi

في الفيلم الوثائقيّ الأوّل لك، عرضت آثار تاريخ الهيب هوب في لبنان. أمّا في فيلم Strong فصوّرت فنّانات عربيّات. يبرز الفنّ في كلا الفيلمين، فما الذي يخبرنا ذلك عن شخصيّتك وعن القضيّة التي تؤيّدها؟

كنت ناشطاً في ساحة الهيب هوب منذ العام 1997. وكتبت مواضيع حوله وتضمّنت برامجي الإذاعيّة هذا الموضوع أيضاً. لذا كان من الطبيعيّ أن أركّز على هذه الثقافة التي تعتبر إحدى أبرز الثقافات في السنوات الأربعين الماضية. فموسيقى الهيب هوب متواجدة في كلّ مكان، في الهند والسودان والمملكة العربيّة السعوديّة وإيران والبرازيل. وقد سمحت للناس بالتعبير عن أنفسهم والعثور على مساحة من الحرّيّة. وبالرغم من المعتقدات الخاطئة ثقافة الهيب هوب ليست قائمة على أساس الجندر. ففي الواقع، سواء في الرقص أو الراب أو فنّ الجرافيتي، يلمع عدد كبير من النساء ويتفوّقن في المجال.

ما الذي يعنيه لك تمكين المرأة؟ وهل تظنّ أنّ صوتك الداعم تحرير المرأة باعتبارك رجلاً يلاقي أذاناً صاغية أكثر من صوت النساء؟

من غير السهل تحديد مفهوم تمكين المرأة لكن بالنسبة إليّ يعني تواجد النساء في المجالات التي لا نتوقّعها فيها، كما هي الحال في فنّ الشوارع. فمجرّد وجودهنّ في هذا الفنّ يُعدّ انخراطاً. ولا أدري ما إذا كان الرجل الذي يعطي صوته للمرأة يؤثّر بشكل أكبر أو لا. لقد أخرجت فيلماً عن فنّانات من العالم العربيّ تُطرح فيه مسألة المساواة بين المرأة والرجل. واتّخذ الفيلم من حيث محتواه طابعاً أنثويّاً وهذا لا يزعجني أبداً.

 

8 نساء في مواقع قوّة وفي بيئات لا يتوقّع الناس وجودهنّ فيها

أثناء عرض فيلمه الوثائقيّ الأوّل Beirut Street الذي استرجع فيه تاريخ الهيب هوب في لبنان، برز تعليق دائم في خلال النقاشات مع الجمهور: "ثمّة نساء في فيلمك الوثائقيّ، هذا رائع!". فكان الجمهور متفاجئاً دائماً لرؤية النساء في مشهد الهيب هوب في لبنان. وقد ذكّر هذا التعليق المخرج بأنّ الناس في الغرب لديهم صورة نمطيّة عن المرأة العربيّة، فيعتقدون أنّها ضعيفة أو خاضعة، وهذا الوصف بالنسبة إلى سليم صعب خاطئ تماماً. فهو يرى النساء في العالم العربي قويّات وشجاعات، ويتفوّق عدد كبير منهنّ في مجالات مختلفة مثل الرياضة أو الفنّ. وبعد هذه النقاشات، رأى أنّه من المفيد أن يكرّس فيلم وثائقيّ لهؤلاء الفنّانات اللواتي حقّقن من خلال موهبتهنّ وعزمهنّ النجاح في المجالات التي تُخصّص عادةً للرجال، ما يجعل وجودهنّ في هذه الفنون شكلاً من أشكال الانخراط. وهذا هو السبب وراء تسمية الفيلم الوثائقيّ Strong أو "قويّة"، إذ كلّ واحدة من هؤلاء النساء قويّة في مجالها... فهنّ في مواقع قوّة في بيئات لا يتوقّع الناس وجودهنّ فيها.

إلقاء الضوء على قدوات يُحتذى بهنّ

ما زالت بعض التصوّرات الغربيّة عن صورة النساء العربيّات وأدوارهنّ مجحفة حتّى اليوم. ويمكن هذا النوع من الأفلام الوثائقيّة أن يظهر صورة مختلفة للمرأة العربيّة حتّى لو كان على نطاق صغير. ويقول سليم صعب إنّه في بعض المجتمعات العربيّة، يعتقد الكثيرون أنّ دور المرأة هو أن تكون ربّة منزل وتعمل في المطبخ، بينما في الدول الغربيّة يعتقد الكثيرون أنّ المرأة العربيّة ضعيفة وخاضعة. لكنّ هذا الفيلم يعرض جانباً آخر، إذ يكسر الصورة النمطيّة ويغيّر الأفكار المبتذلة. إضافة إلى ذلك، يؤكّد سليم صعب أنّ النساء أدّينَ دائماً دوراً مهمّاً في تاريخ الدول العربيّة: مثل جميلة بوحيرد التي كانت رمزاً لإنهاء الاستعمار في الجزائر، ولور مغيزل التي ساهمت في حصول النساء اللبنانيّات على حقّ التصويت في 1953 قبل سويسرا حتّى، وهدى شعراوي التي أقامت الجمعيّات في نهاية القرن التاسع عشر لتعليم الفتيات في القاهرة. لذا ما يفعله سليم صعب في فيلمه الوثائقيّ ليس جديداً إذ يلقي الضوء على النساء المتواجدات حوله اللواتي يتفوّقنَ في مجالاتهنّ.

ونجحت بعض النساء اللواتي ظهرنَ في الوثائقيّ في الأنشطة التي يسيطر عليها الذكور مثل فنّ الغرافيتي وفنون القتال. ومن المهمّ للغاية إبراز مثل هذه الشخصيّات في المجتمعات العربيّة الذكريّة لأنها تشجّع النساء الأخريات اللواتي يرغبنَ في ممارسة هذه الفنون بدون التساؤل عمّا إذا كان مع سيتقبّلهنّ أم لا. وبالتالي تشكّل النساء اللواتي ظهرنَ في هذا الفيلم الوثائقيّ قدوات يُحتذى بهنّ للسيّدات العربيّات. وقد كان لنا حديثٌ مع أربع بينهنّ. ‎

اقرئي أيضاً: Raneen Bukhari: ‬وصول‭ ‬المرأة‭ ‬إلى‭ ‬عالم‭ ‬الفنّ‭ ‬جعله‭ ‬أكثر‭ ‬شجاعة‭ ‬وشمولي

 Hanan Kamal

 Pink in

فنّانة غرافيتي من المملكة العربيّة السعوديّة

لست فنّانة غرافيتي فحسب فأنا عازفة موسيقى أيضاً، وفي كلّ ما أقوم به في مجال الفنّ، أحاول أن أكون مثالاً يُحتذى به للفتيات الصغيرات لأشجّعهنّ، فيدركنَ أنّه يمكنهنّ فعل ما يردنه في الحياة. ويشرّفني أن أكون جزءاً من هذا الفيلم الوثائقيّ الذي أمثّل فيه المملكة العربيّة السعوديّة بمثابة فنّانة غرافيتي. كانت هذه التجربة مذهلة فعلاً وأتمنّى أن أرى المزيد من هذه الإنتاجات التي تسلّط الضوء على النساء وخصوصاً في الدول التي لا تزال تعتبر النساء والرجال غير متساوين.

رسالتي لكلّ امرأة هي الآتية: "أنت قادرة على فعل كلّ ما تريدينه. فالوهم فحسب هو الذي قد يوقفك. أنت ذكيّة وقويّة، فعبّري عن نفسك وأظهري إبداعك. وكوني دائماً فريدة ولا تخشي أن تظهري تميّزك".

Lili Ghandour

راقصة ومغنّية من لبنان

الحياة صعبة ويحاول الناس إيجاد طرق متعدّدة لجعلها أسهل. أعيش حياتي شخصيّاً بصدق مع نفسي وعبر فعل ما أريده تماماً. وأجد أنّ الطريقة الفضلى للتعبير عن ذاتي هي من خلال الموسيقى والرقص والفنّ. قد يجد البعض صعوبة في رؤية النساء القويّات اللواتي يعبّرن عن أنفسهنّ، لكنّ المرأة لديها صوتها وهي قويّة جدّاً.

أحاول دائماً أن أخبر النساء بالآتي: "إذا كان لديك موهبة، تمسّكي جيّداً بها وطوّريها وطبّقيها لتظهري هويّتك الخاصّة في هذا العالم. يمكنك أن تفعلي أكثر بكثير ممّا قد يخبرك به المجتمع. والحياة لا تستحقّ العيش إذا كنت لا تشعرين بأنّك على قيد الحياة. استيقظي كلّ صباح وكوني بطلة نفسك ولا تحاولي أن تكوني شخصاً آخر. كوني منافستك الخاصّة وجزءاً من التغيير الذي تريدين رؤيته في المجتمع".

 اقرئي أيضاً: Salwa Chalhoub: “باتت النساء اليوم لاعبات بارزات على الساحة الفنّيّة”

Nawel Ben Kraiem

مغنّية من تونس

أدعم النساء وأساهم في تمكينهنّ من خلال أغنياتي، فأظهر صورة المرأة القويّة. أؤلّف كلمات أغنياتي الخاصّة وأغنّيها، وهذا يختلف عن تأديتها فحسب. فبهذه الطريقة أجسّد الرسائل من دون أن أكون خاضعة لأيّ شخص آخر. إضافة إلى مسيرتي الغنائيّة، أؤيّد وأشارك في تنظيم المهرجان السنويّ "شوفتهنّ" الذي يقام كلّ عام في تونس والذي أشكّل فيه عضواً من لجنة التحكيم الموسيقيّة. هذه الفعاليّة وسيلة فنّيّة لدعم هذه القضيّة والوصول إلى النساء من خلال الفنّ.

رسالتي لكلّ امرأة هي الآتية: "كوني المرأة التي تريدينها من خلال التجرّؤ على إظهار هويّات متعدّدة. ثمّة مئة طريقة وطريقة لتكوني امرأة، لكنّ الأهمّ هو أن تقرّري ما تريدنه وألّا تسمحي للعالم أن يجبرك على الالتزام بصورة معيّنة".

Lana Ramadan

متخصّصة في فنون القتال المختلطة من لبنان

أساهم في تمكين النساء من خلال الحياة الناجحة التي تمكّنت من عيشها إذ قد تلهمهنّ قصتي. فبدأت من الصفر، وبفضل جهودي ومثابرتي وصلت إلى ما أنا عليه اليوم. وإذا لم تُكسر الحدود التي يفرضها المجتمع عن طريق إسناد بعض الأدوار المحدّدة على أساس الجندر، قد تضيع الكثير من المواهب وتذهب سدى.

اخترت المشاركة في هذا الفيلم الوثائقيّ لنقل رسالة واحدة للنساء: "يمكنك أن تكوني المرأة التي تريدينها. لا تخافي حتّى لو لم يؤمن بك الأشخاص من حولك ولم يدعموك، وافعلي ما تريدنه على أيّ حال لأنّك عندما تنجحين، سينظرون إليك بطريقة مختلفة. يجب أن تحاربي من أجل حلمك. حدّدي هدفك واسعي لتحقيقه".

اقرئي أيضاً: المرأة الإماراتيّة التّي أبدَعت في تسلّق الجبال

اكتب الكلمات الرئيسية في البحث