NEW HORIZON Changing Lives Through Fashion

الإعداد: Galia Loupan، التصوير: Rachel Seidu

في غانا وكينيا، تُضيء الموضة دروب مستقبل مشرق لفتيات شابّات يرزحنَ تحت وطأة الفقر. فقد أنشأ صندوق الأمم المتحدة للسكان ومجموعة Prada Group برنامج Fashion Expressions: the Stories She Wears، الذي يتيح للفتيات الضعيفات الشابّات اللواتي لا يملكنَ فرصاً كبيرة ويواجهنَ مخاطر كثيرة للتعرّض للإيذاء أن يتدرّبنَ ويتعلّمنَ مهارة، ومن خلالها القدرة على إعالة أنفسهنّ والتعبير عن كامل إمكاناتهنّ. ذهبنا إلى غانا لمقابلة ثلاث من هؤلاء الفتيات واكتشفنا على أرض الواقع كيف تغيّر الموضة حياتهنّ فعلاً.

تحت وهج الشمس الحارقة في أكرا، ونحن نصعد سلالم مشغل العلامة التجارية الغانية الشهيرة Poqua Poqu، استقبلتنا المتدرّبة الشابة Pamela Afatsawo التي رحّبت بنا بابتسامتها الخجولة وسلوكها المنفتح. كانت ترتدي فستاناً فضفاضاً صنعته بنفسها وحذاءً بكعب، وشعرها ناعم جميل. تشرح لنا وهي تعرض تصاميمها في أوّل جلسة تصوير أزياء دولية لها على الإطلاق: "لقد شكّل هذا البرنامج تغييراً جذرياً في حياتي. انظروا إليّ وإلى خلفيّتي. لم يكن لديّ أمل ولا طموح. فقدت والدتي عندما أنهيت دراستي في العام 2018. بعد ذلك، لم يكن هناك من يدعمني، بالرغم من أنّني كنت دائماً شغوفة بالموضة. فكان مشروع Fashion Expressions تجربة غيّرت حياتي".

كما تشرح Mariarosa Cutilo، رئيسة شعبة الشراكات الاستراتيجية في صندوق الأمم المتحدة للسكان: "أردنا تصميم برنامج يجمع بين ولاية صندوق الأمم المتحدة للسكان - الصحة الإنجابية بين الفئات السكانية الضعيفة - وريادة Prada Group في مجال الموضة، لتمكين النساء والفتيات الضعيفات من خلال الموضة".

يقع مشغل Poqua Poqu في غرفة واسعة مليئة بمحطّات الخياطة والقصّ، مع ملابس ملوّنة ومعقّدة معلّقة على طول الجدران. إنها دار أزياء شهيرة تقودها نساء. ومن المؤسف، أنّ المؤسّسة ورئيسة المصمّمات Pokua Poku-Mouhtiseb قد توفّيت مؤخراً أثناء الولادة، ممّا ترك Pamela تحزن على شخصية أخرى في حياتها ترى فيها صورة الأم.

على غرار الكثير من بلدان المنطقة، تعاني غانا من آثار هجرة الأدمغة والكوادر الطبية المؤهلة إلى أوروبا أو أميركا مثل القابلات، ممّا يعني أن النساء الناجحات والمستقلّات مثل Pokua يمكن أن يقعنَ ضحايا لنظام طبّي مستنزف. كانتPokua محبوبة جداً بين فريقها، وقد خيّم الحزن على الجميع من جرّاء إثارة هذه المحنة. يوضح زوجها Rida قائلاً: "تمتّعت Pokua بروح جميلة. لقد آمنت دائماً بنفسها كأمراة وأرادت أن ترتقي بالشابات للتأكّد من أن لديهنّ المهارات اللازمة لتوفير الطعام لعائلاتهنّ".

ونرى الحماس نفسه في علامة الأزياء الرجالية GG Bespoke التي دعمت المتدرّبة Melody Dekator، الشابة ذات ال 29 ربيعاً والابتسامة الساحرة. وفي خطوة نادرة في مشهد الموضة الغاني الذي يسلّط الضوء على الاختلاف البارز بين الجنسين، تصنع Melody ملابس مستوحاة من ملابس الرجال لنفسها. وتقول: "عندما أرتدي هذه الملابس، أنا أخبر العالم أنّ ليس للرجال فقط أن يرتدوا ما أرتديه. كسيّدة، يمكنني أيضاً أن أرتدي مثل هذه الملابس وأظهر للعالم أن الموضة تتطوّر. لقد اكتشفت مشروع Fashion Expressions في وقت متأخر جداً. أخبرني أحدهم أنّهم يبحثون عن فتيات لتدريبهنّ في مجال الموضة، ولطالما كنت مهتمّة بالملابس،. وكان القيّمون على المشروع نشطين في هذا السياق لفترة طويلة قبل أن يجدوني. عندما وصلت إلى هناك، كانوا قد اختاروا الشخص الأخير، لكنّني دخلت بسرعة وأثبت نفسي، وهكذا انضممت إلى البرنامج، وكنت آخر شخص على الإطلاق!" كل هذا بسبب طاقتها الإيجابية وثقتها بنفسها وقدرتها على عدم الاستسلام أبداً. وتؤكّد ذلك مرشدتها Gifty Ghartey، مصمّمة GG Bespoke قائلة: "لا يمكن ردعMelody . لديها طاقة لا متناهية في الصباح أو المساء، سواء تناولت الطعام أم لا، أكانت متعبة أم لا، إنها تتمتع بطاقة عالية. لذلك يلقّبها الشباب في الفريق بالجنديّة. تمنحنا أيضاً الكثير من الفرح، وهي عضو رائع في الفريق. كانت حياة Melody صعبة. أصبحت أماً في سن السابعة عشر، مثل الكثير من الفتيات في غانا. إذ يبلغ المعدّل الوطني للحمل في سنّ المراهقة 15٪، ويصل إلى 25٪ في الشمال. تضطرّ هؤلاء الفتيات بعد ذلك إلى مغادرة قراهن وترك أطفالهنّ مع أمهاتهنّ للقدوم إلى المدينة للعمل وإرسال المال إلى العائلة. عندما يصلنَ إلى أكرا، ينتهي بهنّ المطاف في سوق ماكولا، هذا السوق الواسع والصاخب الذي يعج بالحركة حيث يقوم الناس بمعظم تسوّقهم، وحيث لا تحظى المراكز التجارية ومحلات السوبرماركت بشعبية كبيرة. أثناء التجوّل بين الأكشاك ووسط تدافع المتسوّقين والباعة المنشغلين، نرى شابّات يحملنَ الأحواض على رؤوسهنّ، يعرضنَ خدمتهنّ كحمالات. فإذا استأجرتهنّ، سيتبعنك بينما تضعين مشترياتك على رؤوسهنّ. هنا تكمن صعوبة العمل، فهو يتطلّب مجهوداً بدنياً كبيراً مع احتمالات ضئيلة للترقية وارتفاع مخاطر التعرّض للإصابة والاعتداء. وهذا هو أحد الأماكن التي تتوجّه إليها منظمة International Needs Ghana لتوظيف الفتيات في برامج التدريب الخاصة بها. لكن وللأسف تجد بعض الفتيات بيئة مجتمعيّة بين الحمالات فلا يرغبنَ في المغادرة. في حين تنتهز الكثير منهنّ هذه الفرصة. ويتذكر المدير التنفيذي للمنظمة، Cromwell Awadey، قائلاً: "كنّا نبحث عن الشابّات المتحمّسات، تلك اللواتي كانت لديهنّ الرغبة والوقت وأردنَ العمل في صناعة الموضة. وعندما يتقدّمنَ بطلباتهنّ، كنّا نختبر ما إذا كانت لديهنّ القدرة على إنهاء الدورة، لأنّنا كنا بحاجة إلى الحد من عدد الطالبات اللواتي يتركنَ الدراسة. لم نشترط معرفة الموضة وفهمها لأن هذا ما كنّا سنعلّمهنّ إيّاه. هل ترغبين في التعلّم؟ وهل أنتِ مستعدة؟ هذا كان نهجنا". وبهذه الطريقة انتهى الأمر بمعدل إتمام الدورة 100% في غانا.

في اليوم التالي، قرّرنا اصطحاب Pamela و Melody إلى كبيفي، وهي قرية في منطقة فولتا في غانا، حيث نشأت زميلتهما السابقة Francisca Emefa Gbedoxo وعادت إليها بعد فترة تدريبها لافتتاح متجرها الصغير الخاص بجوار منزل والدتها. كان هذا اللقاء أشبه بلمّ الشمل، إذ لم تر الشابّات الثلاث بعضهنّ البعض منذ التخرّج. بعد رحلة استغرقت ثلاث ساعات بالسيارة إلى منطقة فولتا، قفزت الشابّتان من السيارة وحضنتا زميلتهما وراحت الثلاث يردّدنَ شعار " Fashion Expressions!" بينما يقفزنَ في الأرجاء. Francisca فتاة خجولة، لكنّ عزيمتها واضحة. متجرها الصغير مطليّ باللون الأزرق من الداخل والخارج، وهو دليل على حسّها الجمالي القوي وإيمانها الحقيقي برؤيتها. تخبرنا قائلة: "لقد غيّر هذا البرنامج حياتي كلّها. غيّرني على الصعيدين العاطفيّ والجسديّ. عندما أنظر إلى صورتي عندما بدأت البرنامج، أشعر أنّني شخص مختلف تماماً". وتؤكد والدة Francisca على هذا الشعور أيضاً فيما تنظر إليها بفخر، وكذلك تفعل Priscilla Tigoe من صندوق الأمم المتحدة للسكان في غانا، التي تعمل كمرافقة للشابّات، وتدمع عيناها عندما ترى ما وصلنَ إليه جميعاً. وفيما ننتقل إلى النهر المجاور لإجراء جلسة تصوير للفتيات الثلاث معاً، رحنَ يضحكنَ ويغنينَ ويحاولنَ ألّا يظهرنَ ارتباكهنّ عند التصوير ويشاركنَ أحلامهنَ للمستقبل.

أخبرتنا Pamela : "أريد أن أصبح مصمّمة أزياء. أريد أن تتاح لي فرصة العمل في أكبر دور الأزياء في العالم. وإلى جميع الفتيات اللواتي يشعرنَ بالإحباط بسبب عدم وجود أمل، اسمحنَ لي أن أنيركنّ. كنت أنا أيضاً في هذا الموقف. فقط كنّ مستعدّات للقيام بشيء من أجل انفسكن، وعندما تأتي الفرصة أخيراً، اغتنمنها ولا تدعنها تضيع سدىً".

أمّا Francisca فقالت بحماس: "في السنوات الخمس القادمة، أرى نفسي كمصمّمة أزياء ناجحة، أبيع تصاميمي عبر وسائل التواصل الاجتماعي في جميع أنحاء العالم. أريد أن أتيح فرص التدريب أيضاً للفتيات في قريتي، وأريد أن يكون لديّ دار أزياء وأقوم بتدريب الشابات المهتمّات بالموضة مثلي". وبالفعل لديها أوّل متدرّبة لها، وهي أمّ شابة تأتي مع ابنتها الصغيرة لتتعلّم منها. إن التأثير الإيجابي لهذا البرنامج لا يُقاس فعلاً، حيث أنّ كل شابة هي منارة أمل للشابات الضعيفات الأخريات، والدليل الحيّ لإمكانية وجود مخرج من المواقف التي تبدو ميئوسة. وعند مغادرتنا، بدأت Francisca بالبكاء متأثرة لأن تصاميمها ستكون في صفحات مجلة موضة عالمية. في طريق العودة إلى المدينة، سألتُ Melody عمّا تفكّر، فأجابتني قائلة: "لطالما أردتُ أن أمتلك دار أزياء لتدريب الفتيات على تقديم أفضل ما لديهنّ، وتعلّم مهارات الموضة حتى يصبحنَ مستقلّات. أؤمن بأنّ تعليم الرجل هو تعليم فرد واحد، في حين أنّ تعليم المرأة هو تعليم أمّة بأكملها".

اقرئي ايضاً: A Glimpse into the World of Prada Where Luxury Meets Sustainability

العلامات: Prada برادا

اكتب الكلمات الرئيسية في البحث