Courtesy of Atelier Hekayat
يعكس هذا الزخم نهضة أوسع تجتاح العالم العربي، وهي نهضة تتجاوز الموضة لتشمل الفنّ والهندسة والترفيه والابتكار. ويمثل إعلان Art Basel عن إقامة معرض فنّي جديد في الدوحة في فبراير 2026، انطلاقته الأولى في الشرق الأوسط، ممّا يعزّز من مكانة المنطقة كمركز ثقافي صاعد. وقد عبّر صاحب السمو الملكي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود عن هذا التوجّه خير تعبير خلال القمة العربية الصينية في الرياض عام 2022، عندما قال: "نؤكّد للعالم أجمع أن العرب سوف يسابقون على التقدّم والنهضة مرة أخرى، وسوف نثبت ذلك كل يوم." (9 ديسمبر 2022، الرياض)
واليوم، تتجلّى هذه النهضة على أرض الواقع، مع الموضة في مقدّمتها.
Courtesy of Nora AlShaikh
في العام 2025، تظهر أكثر روايات الموضة تأثيراً من الرياض والعلا ودبي وجدة. إنّها جمالية ثقافية جديدة يتمّ تصوّرها على منصّات عروض الأزياء، وتجريبها في مختبرات التصميم، وتنسيقها يومياً على وسائل التواصل الاجتماعي. هذه ليست مجرّد نهضة إقليمية، بل هي نهضة "مستقبلية الخليج" التي تعيد تعريف كيفية التعبير عن الموضة والهوية والابتكار.
Courtesy of Qormuz
هذه الظاهرة واضحة في جميع أنحاء المنطقة. ففي المملكة العربية السعودية، أعاد أسبوع الموضة في البحر الأحمر تعريف عروض الأزياء، حيث دمج مجموعات Resort مع استعراضات سينمائية على خلفية جمال البحر الأحمر الطبيعي. ويتحدّى مصمّمون مثل Tima Abid التوقّعات حول الموضة السعودية، فيقدّمون فساتين مكشوفة الأكتاف وتصاميم برّاقة تحتفي بالتراث الثقافي. تشير هذه الخيارات الجريئة إلى تحوّل ثقافي أوسع، حيث يؤكّد الجيل الجديد على هويته مع الإشارة إلى التقاليد، ومع الانخراط الكامل في حوار الموضة العالمي. وتعكس روح الحداثة هذه إعلان ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود عام 2019: "أوروبا الجديدة هي الشرق الأوسط". وجاء تصريحه هذا في سياق رؤيته الطموحة للسياحة بحلول عام 2025، وهو اليوم دليل حيّ على تلك الرؤية التي تمتدّ الآن إلى ما هو أبعد من السياحة.
معرض Christian Dior, Designer of Dreams في الرياض
فقد أصبحت الموضة رمزاً لهذه النهضة. إذ تُظهر استضافة معرض
Christian Dior, Designer of Dreams في الرياض والاحتفال بمسيرة المصمّم Elie Saab التي امتدّت 45 عاماً في المملكة العربية السعودية، التزام المنطقة بتعزيز الإبداع عبر الحدود وإبراز نفسها كطرف فاعل في مجال الموضة الفاخرة. وتوفّر مبادرات مثل Saudi 100 Brands التي طوّرتها هيئة الأزياء بنية تحتية لهذه الحركة. وتقدّم علامات تجارية مثل Nora Al Shaikh و KAF by KAF رؤية سعودية فريدة للأزياء في باريس وميلانو وغيرهما، حيث تنسج في كل مجموعة قصصاً عن التراث والاستدامة والمستقبلية. ولا يقلّ هذا الزخم في الإمارات العربية المتحدة. حيث يواصل أسبوع دبي للموضة الارتقاء بمكانته العالمية من خلال تقديم مجموعات متنوّعة وجريئة.
ويتغيّر مشهد التجزئة أيضاً ليبلغ آفاقاً جديدة. فقد وضع متجر The Frankie Shop الموقّت في ميناء زايد في أبوظبي، معياراً جديداً للموضة العالمية في الخليج. لم تكن هذه المساحة التي صمّمها Willo Perron متجراً موقتاً نموذجياً، بل كانت بيئة منسّقة وفاخرة. كما كانت المرّة الأولى التي ابتكرت فيها مؤسِّسة العلامة Gaëlle Drevet مجموعة كبسولية خاصّة حصرياً للشرق الأوسط. وما كان في السابق مجرّد سوق مستهلك، أصبح الآن محرّكاً للموضة، يؤثّر على أسلوب تصميم العلامات التجارية وتسويقها لأزيائها. فالمستهلك الخليجي قويّ ومؤثّر وصاحب ذوق رفيع في الموضة. وتتجاوب العلامات التجارية الفاخرة مثل Dior و
Valentino و CHANEL مع ذلك - حيث تقدّم مجموعات كبسولية رمضانية مثلاً، وتعيد النظر في ابتكاراتها من حيث التصميم المحتشم، وتستثمر في حملات مخصّصة للشرق الأوسط تتماشى مع الرؤية الجمالية للمنطقة. كما أنّ عرض Dior الأيقوني في مصر وتركيبة Fendi الفنّية في العلا وشراكات Cartier الثقافية في جميع أنحاء المنطقة، كلّها تشير إلى توافق أعمق مع مستقبل الموضة في الخليج.
Courtesy of The Frankie Shop & Abu Dhabi Investment Office
ومن ناحية أخرى، تجسّد حملة Burberry الإعلانية لصيف 2025، التي تم تصويرها في دبي، جوهر أسلوب العطلات الفاخرة، حيث تظهر Rosie Huntington-Whiteley على متن يخت، ممّا يبرز تألّق العلامة التجارية في جميع المواسم. وتعكس شراكة Louis Vuitton مع Formula One، بما في ذلك رعاية سباق Australian Grand Prix، خطوة استراتيجية للارتباط بالرياضة التي تجذب الجمهور الأصغر سناً، بما يتماشى مع سوق الرفاهية الشبابية في الخليج. وتضمّن أسبوع قطر الدولي للموضة 2025 في الدوحة عروض أزياء ومعارض أزياء تمزج بين الحرفية العربية التقليدية وأحدث الصيحات العالمية، ممّا يسلّط الضوء على التأثير المتنامي لقطر في صناعة الموضة. كما سيقدّم معرض أبوظبي للقوارب المقرّر إقامته في نوفمبر 2025 بعضاً من أغلى القوارب الفاخرة في العالم، ممّا يجذب العلامات التجارية الفاخرة والأفراد من أصحاب الثروات الكبيرة، معزّزاً بذلك مكانة الإمارات العربية المتحدة كوجهة فاخرة.
أمّا الجيل الحالي فهو لا يتبنّى الرفاهية فحسب، بل يعيد تعريفها وابتكارها من جديد. ونحن نشهد ظهور عقلية "ما بعد الرفاهية" في الخليج، حيث لم تعد المكانة الاجتماعية هي الغاية النهائية. فيستثمر المبدعون اليوم في الأزياء التي تروي القصص وتحمل المعنى وتعكس القيم. وتعيد علامات تجارية مثل
Qormuz و Atelier Hekayat تشكيل الفخامة من منظور التراث والاستدامة والحرفية المحلية. كما انتقلت الأزياء الخليجية المحتشمة إلى الواجهة. فبعد أن كانت تُعتبر فئة متخصّصة أو تقتصر على تشكيلات رمضانية كبسولية، أصبحت الآن تشكّل المجموعات العالمية والمحادثات الثقافية. لقد أعاد المصمّمون الخليجيون تعريف التصميم المحتشم ليس كتقييد بل كخيار جمالي وفلسفيّ قويّ. فالأناقة اليوم لا تتعلّق بالكشف والإبراز بل بالتعبير، والخليج يعلّم العالم كيفية تحقيق ذلك برقي وثقة وإبداع.
وهذا ما يجعل من "مستقبلية الخليج" حركة. إنها لغة أسلوب مبتكرة لكن متجذّرة في التراث والجذور أيضاً. الخليج يصنع المستقبل، وما زال هناك المزيد من المفاجآت. فاستعدّي لما هو قادم!
لم تعد منطقة الخليج اليوم تتبع الموضة، بل أصبحت تحدّدها. فما كان يُعتبر سوقاً ثانوياً في السابق، أصبح الآن أحد أكثر المختبرات الثقافية ديناميكية في العالم. في جميع أنحاء المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، تظهر جمالية جديدة قوية؛ جمالية تدمج التقاليد مع التكنولوجيا، والتراث مع الحداثة الفائقة، والهوية المحلية مع الطموح العالمي. من استضافة معارض تاريخية مثل معرض
Christian Dior, Designer of Dreams في الرياض إلى إطلاق فعاليات رائدة للمستقبل مثل أسبوع الموضة في البحر الأحمر وأسبوع دبي للموضة، تسجّل المنطقة دخولاً جريئاً ومتسارعاً في حوار الموضة العالمي.