الاسلوب الايقوني لملكات الشرق: An enduring legacy of style and elegance

الإعداد: Joe Challita


على مرّ التاريخ، سحرت نساء الشرق الرسّامين والفنّانين، فجسّدنَ كلّ خيال ممكن بجمالهنّ الآسر. من عهود الملكات والأميرات المهيبات مثل كليوباترا وزنوبيا وإليسار، إلى جميلات العصر الحديث اللواتي زيّنّ عرش الملكية، مثل الأميرة فوزية المصرية والملكة ثريا وإمبراطورة إيران فرح ديبا، وأميرة المغرب لمياء اللبنانية، وصولاً إلى يومنا هذا مع الشيخة موزا من قطر والملكة رانيا من الأردن - فقد ازدهرت من خلالهنّ روح التألّق والأناقة، مزدانة بسحر الشرق الغامض.

الأميرة المصرية فوزية فؤاد


أسرت الأميرة فوزية فؤاد، الابنة الكبرى للملك فؤاد الأول ملك مصر، القلوب في الشرق كما في الغرب بسحرها وجمالها الأخّاذ. لُقّبت بملكة إيران بعد زواجها من شاه إيران، الإمبراطور محمد رضا بهلوي الأول. قبل عام من الزفاف، استُدعي خبراء المجوهرات الفخمة من Van Cleef & Arpels لتصميم طقم المجوهرات الخاص بالعروس. وأشارت الدار إلى أن "العائلة المالكة المصرية كانت تلفت الأنظار دائماً باقتنائها قطع استثنائية من تصميم الدار". إنّما لم يدم زواجهما طويلاً، إذ انتهى بالانفصال عام 1948. وكانت الأميرة فوزية من أوائل نساء الشرق الأوسط اللواتي لفتنَ أنظار العالم. وقارنتها صحيفة New York Times بجمال ممثّلات شهيرات مثل Hedy Lamarr و Vivien Leigh، إذ كانت تعكس أناقة هوليوود الساحرة التي ظهرت من خلال معاطفها الفخمة وفساتين السهرة الأنيقة التي ارتدتها والبدلات المصممة بدقة والمنسّقة مع قبّعات فاخرة تزيّن شعرها المموّج والمصفّف بعناية. وعندما ظهرت على غلاف مجلة Life في العام 1942، صوّرها مصوّر المشاهير Cecil Beaton، الذي وصفها بـ "Venus الشرق"، إذ تتمتّع بوجه مثاليّ على شكل قلب وعينين زرقاوين شاحبتين لكن ملفتتين للنظر.

عقد الملكة نازلي من Van Cleef & Arpels الذي ارتدته في حفل زفاف الأميرة فوزية.

 

الملكة ثريا اسفندياري بختياري

ALAMY
في العام 1948، التقى شاه إيران بعد طلاقه بفترة وجيزة، بِثريا اسفندياري بختياري، وهي حسناء إيرانية من أصول ألمانية، من طبقة النبلاء وابنة سفير إيران لدى ألمانيا الغربية خليل سفندياري بختياري، وأمها ألمانية تُدعى Eva Karl. لفتت ثريا أنظار الشاه لأول مرة من خلال صورة التقطتها لها قريبها، وهو صديق للشاه. وبعد أن أُعجب بها على الفور، طلب مقابلتها، وسرعان ما تمت خطبتهما، وتُوّجت علاقتهما بحفل زفاف فخم أقيم في طهران عام 1951. لا يزال فستان زفاف ثريا رمزاً دائماً للأناقة والفخامة، وهو من تصميم Christian Dior. وقد تزيّن بـ37 ياردة من قماش Lamé الفضّي المزيّن باللؤلؤ والألماس وريش النعام، وقد رسّخ هذا الفستان، إلى جانب السترة والحجاب المنسّقين معه، مكانته كواحد من أكثر فساتين الزفاف شهرة في العالم. إلّا أنّ قصة الخيال هذه سرعان ما تبدّدت، حيث واجهت الملكة ثريا صعوبة في الاندماج في المجتمع الفارسي، ونعتها البلاط الملكي بأنها "أوروبية" للغاية. بالإضافة إلى ذلك، وبعد بضع سنوات من زواجهما، واجه الزوجان الحقيقة المحزنة التي تمثّلت في عدم قدرة الملكة على الإنجاب، ممّا أحبط أي أمل في وجود وريث. نتيجة لذلك، انفصل الزوجان عام 1959، وأصبحت الملكة ثريا تُعرف على نطاق واسع باسم "الملكة صاحبة العينين الحزينتين".


الإمبراطورة فرح بهلوي

ALAMY

بعد عام، تزوّج الشاه مرّة جديدة بشابة إيرانية جميلة أخرى، هي فرح ديبا، التي تنحدر من سلالة أرستقراطية، على أمل إنجاب ولي للعهد. تم عقد القران عام 1959، وأطلّت فرح بفستان مذهل يحمل توقيع Yves Saint Laurent لدار Dior. سلّطت وسائل الإعلام الواسعة النطاق الضوء على العائلة المالكة الفخمة، التي تتبنى نمط حياة عصري وغربي للغاية. وسرعان ما أصبحت فرح أيقونة للموضة، حيث أسرت الجمهور بذوقها الرفيع. وكانت فرح ديبا، زوجته الثالثة والأخيرة، الوحيدة التي تُوّجت بلقب "إمبراطورة" عام 1967. ونتيجة لذلك، كلّف القصر دار Van Cleef & Arpels الشهيرة بتصميم التاج لهذا الحدث التاريخي. وتشير مصادر الدار إلى أنه "حتى اليوم، يُعد هذا الطقم من بين أهم الطلبات الخاصة الفاخرة للدار". وقد صُنع هذا التاج المرصّع بالأحجار الكريمة، بعد 24 رحلة قام بها Pierre Arpels إلى طهران، لاختيار الأحجار الكريمة الثمينة من الكنز الوطني الفارسي، وتم إنشاء مشغل موقت في طهران لصنع التاج الذي يتميز بـ36 حجر زمرد و36 حجر إسبنيل وياقوت و105 لؤلؤة و 1469 حجر ألماس.

ALAMY

 

الأميرة لمياء الصلح

حفل زفاف الأميرة لمياء مرتدية القفطان المغربي من تصميم .Madame Salha 1961

ننتقل إلى المشرق العربي، وصولاً إلى لبنان، حيث خطفت شابّة جميلة الأضواء في الخمسينات، لمياء الصلح، ابنة أول رئيس وزراء للبنان رياض الصلح، والتي تزوّجت من الأمير المغربي مولاي عبد الله عام 1961. اشتهرت لمياء بشعرها الأشقر وبشرتها النضرة وعينيها الواسعتين الشبيهتين بعيون الغزال، وقد استحوذ فستان زفافها الذي تميّز بطابع أوروبي على اهتمام عالمي، فظهر في مجلة Quik الألمانية عام 1961، وقد تميّز بالذيل الأطول في العالم بطول 22 متراً، وهو يحمل توقيع مصممة الأزياء اللبنانية Madame Salha. صُنع فستان زفاف لمياء بشكل رائع خلال 3 أسابيع على يد 3 مجموعات تضمّ كل منها 25 خيّاطاً، وذلك وفقاً لما ورد في مجلة Paris Match عام 1961. أُطلق عليها لقب "الأميرة الشقراء"، وقد دخلت التاريخ كأوّل أجنبية تتزوّج في العائلة المالكة المغربيّة. وبعد لقاء محرّرة الموضة الأميركية الشهيرة Diana Vreeland بالأميرة في المغرب عام 1964 لإجراء جلسة تصوير معها، كتبت مذكّرة إلى موظّفيها في الولايات المتحدة تقول فيها: "صوّر Cecil Beaton لمياء، التي تُعد أجمل أميرة على الإطلاق... إنها لبنانية صغيرة القامة، وبنيتها جميلة جداً. ترفع قفطانها الطويل وتحرّك قدميها الصغيرتين مثل الراقصة". أصبحت الأميرة لمياء أرملة في وقت مبكر من زواجها، وهي لا تزال تقيم في المغرب.

 

الملكة رانيا ملكة الأردن

ALAMY

الملكة رانيا ملكة الأردن، شخصية متألقة تنحدر من المشرق العربي. اسمها الأصلي رانيا الياسين وقد وُلدت في الكويت عام 1970 لأبوين فلسطينيّين. بعد لقائها بالأمير عبدالله بن الحسين ولي عهد الأردن آنذاك في حفل عام 1993، تزوّج الثنائي بعد ستّة أشهر. خطف فستان زفافها الحريري الأبيض والمزين بتطريز ذهبيّ، أنظار العالم. صمّمه المصمّم البريطاني الشهيرBruce Oldfield ، ويتميّز بحزام وياقة عالية وأكمام قصيرة، ويعكس الكثير من الأناقة والفخامة. اختارت الملكة رانيا الاستغناء عن التاج، في خطوة خارجة عن المألوف ترمز إلى ارتباطها بجذورها غير الملكية. وعندما تولّى الأمير عبد الله العرش عام 1999، ارتقت رانيا إلى منصب الملكة؛ فقد تحولت إلى أيقونة للأناقة العربية، حيث أضافت لمسة مميّزة إلى أسلوبها المحتشم الأنيق. وتملك الملكة رانيا تاجاً مذهلاً، وهو تاج الجلالة. صممه Yan Sicard لعلامة المجوهرات العالمية FRED، وتحوي هذه التحفة الفنية نقوشاً عربية لأول مرة في تاريخ العائلة المالكة، تعلن "العظمة لله". وقد صوّر المصوّر الشهير Mario Testino الملكة رانيا لمجلّة Vanity Fair عام 2008، وهي ترتدي هذا التاج المميز، وكذلك في حفل زفاف ابنها، ولي العهد حسين بن عبد الله عام 2023. ولطالما تصدّرت الملكة رانيا قوائم عالمية لأجمل أفراد العائلات المالكة وأكثرهم أناقة في العالم، حتى أنها كانت ضمن قائمة مجلة Forbes لأقوى 100 سيدة.

من تصميم Yan Sicard لعلامة FRED.

 

الشيخة موزا بنت ناصر المسند

ALAMY

بالانتقال إلى منطقة الخليج، تبرز شخصية لامعة وسط عالم الأناقة والرقي الفائق، إنها الشيخة موزا بنت ناصر المسند، التي وصفتها صحيفة DailyMail UK بـ"المرأة الأكثر أناقة في العالم". بصفتها الزوجة الموقرة للأمير السابق لدولة قطر، الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، ووالدة الأمير الحالي، الشيخ تميم بن حمد بن خليفة آل ثاني، تحظى صاحبة السمو الشيخة موزا بالإعجاب والتقدير.

وهي ليست أيقونة للموضة فحسب، بل أيضاً داعمة كبيرة للحفاظ على التراث الثقافي ورعاية مواهب التصميم الإقليمية الناشئة. بصفتها الرئيسة الفخرية لـ Fashion Trust Arabia، فهي تدعم مواهب الموضة الإقليمية وتبرزها على الساحة العالمية. تتميّز بأسلوبها الخاص وبالعمامة المتناسقة بأناقة مع ملابسها، مما يبرز قامتها الممشوقة التي تلفت الانتباه وتعزّز من جاذبية إطلالاتها الأنيقة. وقد حظي أسلوبها الراقي بإشادة عالمية، حيث تمت مقارنته بأسلوب Jacqueline Kennedy، ممّا أكسبها مكانة مميزة في قائمة Vanity Fair لأفضل النساء أناقةً في العالم، وضمن لائحة قاعة المشاهير الأكثر أناقة. كما أُدرجت الشيخة موزا ضمن قائمة Forbes لأقوى 100 سيدة لمساهمتها في مجالات التعليم والمرأة والطفل. 

اقرئي المزيد: بديعة مصابني: The Queen of Theatre

اكتب الكلمات الرئيسية في البحث