اكتشاف الذات وتطويرها ليس بالأمر السهل، بل إنّه مسيرة تتخلّلها العقبات والمطبّات وألعاب الفكر أو الـMind Games التي قد تخلط الواقع بالخيال في علاقتنا بذاتنا والآخرين، فتضع لمسيرتنا عوائق وهميّة. فما هي قوّة أفكارنا في مواجهة هذه الألعاب والتغلّب عليها؟ كيف ندرك أهميّة وعينا الذاتي وكيفيّة تعزيز الأنماط والأفكار المتناغمة مع قيمنا؟ ويساعدنا إدراكنا لمدى قدرة أفكارنا على التأثير على مشاعرنا وسلوكياتنا وكلّ تفاصيل واقعنا في إعادة رسم طريقة تفكيرنا والتحكّم بطاقتنا، وبالتالي تخطّي ألعاب الفكر. وفي هذا التحقيق نغوص في هذا العالم!
الصور خاصة ب Katarina
مرّت Katarina Tarazi بالكثير من التغييرات الجذرية في حياتها إلى أن أصبحت إلى امرأة راشدة حاضنة. وهي اليوم ترى علامتها التجارية للمجوهرات التي تحمل اسمها والتي تصنع فيها المجوهرات الفاخرة الحرفيّة كطفلها الذي يجب أن تحتضنه وتساعده على النمو، فتنمو بنفسها معه ويمنحها هدفاً. وتخبرها الطاقة التي تضعها في عملها عن هوّيتها. فبالنسبة لها، هذا هو معنى الرشد! كما أنّها أيضاً قارئة ورق التاروت، فما هو برأيها الدور الذي يمكن أن يلعبه التاروت في عالم اكتشاف الذات الغامض؟
درست Katarina علم النفس، ويذكّرها التاروت باختبار Rorschach ، أو اختبار الإدراك الموضوعي. فتخبرنا: "توضع أمامنا مجموعة من الصور، وأوّل ما نراه هو ما نشعر به. هذا إسقاط نفسي محض. الشيء الثاني الذي نراه هو ما نقرأه - صورة البطاقة. فيخبرنا عن الواقع، وعن العمل الشخصي الذي يجب القيام به، وعن الثمار المحتملة لعمل الشخص. ويكون المرء أكثر انفتاحاً للنقد البنّاء عندما يأتي من عشوائية البطاقات الواضحة. وتتّسم التجربة بأكملها بطابع علاجيّ." وعن تحديدها "لعبة" الطاقة في قراءة التاروت؟ تشرح لنا قائلة: "تعبّر مجموعة بطاقات التاروت عن رحلة حياتنا، وهي لا تتبع مساراً مستقيماً وليست فردية، بل هي دورية وتتألّف من عجلات مختلفة. ولهذا السبب تُرقَّم البطاقات من 0 إلى 21، حيث يمثل الرقم 0 نهاية شيء ما وبداية شيء آخر. ونحن نركب على عجلة ونبقى عليها بقدر ما نشاء، وفي بعض الأحيان نتمسّك بها على الرغم من الركود الذي قد تسبّبه لنا. حتى أنّنا قد نعود مجدداً إلى عجلة قديمة كنّا قد ركبناها من قبل ولم نظنّ يوماً بأنّنا سنتمسّك بها مرّة جديدة. كلّ هذه المراحل الحياتية ضرورية للنمو. وتخبرنا اللعبة الموجودة في مجموعة بطاقات التاروت عن العجلة التي نقف عندها في الوقت الحالي وتنصحنا إمّا بالبقاء أو بالمغادرة."
دورات لا متناهية تسمح لنفسها ببداية ونهاية
هل يمكن أن يُستخدم التاروت كأداة للنموّ الذاتي؟ تؤكّد لنا بالقول: "طبعاً. وكما اقترح Freud في كتابه Civilization and its Discontent، لحظة إدراكنا كبشر أنّ الحياة تنتهي، نشعر بالتهديد أمام مفهوم التغيير. نحن نعلم أنّنا سنواجه يوماً ما التغيير النهائي، وهو الموت المروّع. هذه الفكرة المرعبة تعني أننا نقضي حياتنا كلّها في البحث عن عوامل تشتيت وإيجاد الاستقرار والاستمرارية. وعندما نتقبّل فكرة أنّنا بشر فانيون سنتمكّن من الاستمتاع بالأمور أكثر وبالتغييرات التي ترافقها. وفي النهاية، يحدث التغيير الحتميّ لإفساح المجال لشيء جديد. وتتألّف مجموعة بطاقات التاروت من دورات لا متناهية تسمح لنفسها ببداية ونهاية. وبالتالي فهي تمكنّنا من التعامل مع مفهوم التغيير بمقاومة أقلّ".
ونختتم بسؤال Katarina كيف يمكن أن يؤثّر التاروت على قوة أفكارنا في اللعبة الذهنيّة؟ فتشرح لنا: "من الأمثلة البارزة هي عندما أقوم بقراءة التاروت لشخص ما. عندما يفتح بطاقاته، أنظر إليها وأكوّن انطباعاً عنها. ثم أسأل نفسي إذا ما كنت أعكس أفكاري عليها (وهذه لحظة حاسمة). هل ما أراه هو ما أشعر به؟ إذا كان الأمر كذلك، فأنا أعترف بمشاعري، وأقرأ البطاقات مرّة أخرى بنظرة جديدة. يتميّز هذا التمرين بطابع علاجي، لأنّه يسمح لي بقبول وضعي الحاليّ وعزل الأنا للغوص في حالة شخص آخر."