Alia Al Farsi: " نطمح لمزيد من النساء الناجحات الحريصات على مستقبل هذا الوطن"

فيما كانت في السابعة من العمر، اصطحبها والدها رحمه الله في رحلة بريّة من مسقط إلى لندن، مرّا خلالها بمدن عدّة. وفي كلّ مدينة، توقّفا لزيارة متحف أو صالة فنون. فكانت تلك التغذية البصريّة والتنوّع الثقافي اللذان شاهدتهما في تلك الوقفات، مصدر إلهام لعالية الفارسي وشغفها لتعيش للفنّ. ومن حينها، أضحت ترسم، على الورق وعلى الحيطان، بالفحم المائي والزيتي، وبكلّ الألوان. إلى أن أقامت معرضها الفنّي الخارجي الأوّل عام 1993 في طوكيو بحضور سعادة السفير العماني في اليابان وحرمه، وكان معرضاً ناجحاً بكلّ المقاييس. وبعدها بدأت مسيرتها مهنيّاً في قطاع الفنّ لتمثّل بلدها العزيز سلطنة عمان في عشرات المحافل الدوليّة. وبينما نحتفي باليوم الوطني العماني، نتعرّف عن قرب على مسيرة عالية الفارسي. فانضمّي إلينا فيما ندخل عالمها!

كيف تظهر الثقافة العمانية في أعمالك الفنّيّة وكيف تستلهمين منها؟

عمان هي الأمّ وهي الأرض الكريمة التي تجود على كلّ من سكنها. وهي بلاد، رغم قلّة عدد سكّانها، غنيّة بالثقافات بحكم موقعها المطل على المحيط والبحر والخليج. فتجدين في ملبسنا ومأكلنا وكلامنا وعاداتنا مزيجاً من روائح الشرق. وهذا التنوّع أدّى إلى تفرّد منطقتنا، وبتنا أكثر انفتاحاً على الثقافات المختلفة وأكثر تقبّلاً لها. كلّ ذلك يجذبني في عمان، ناهيك عن طبيعتها الخلّابة التي تأسر كلّ من زارها.

تستمتعين بتجربة إبراز الجوهر الحقيقي للمواد المختلفة التي تستخدمينها في أعمالك، هلاّ شاركتنا المزيد عن هذه الخبرة؟

العمل الفنّي في نظري ليس بحاجة إلى قواعد تنظّمه، فهو انعكاس لشخصيّة الفنّان، ومنه ينعكس ذلك على المُشاهد. لذا أحبّ أن أطلق العنان لنفسي حين أرسم، وإذا وجدت أنّ قماش الكانفاس والألوان غير كافية لإيصال رسالة ما، فإنّني أستخدم قطعاً وموادَ مختلفة في العمل، لذا تجدين أعمالاً متعدّدة الطبقات وغنيّة بالألوان.

أسّست Alia Gallery وهي المعرض الفنّي الخاصّ الأكبر في سلطنة عمان عام 2020 في ظلّ الجائحة. ما هو برأيك الدور الذي لعبه الفنّ برأيك خلال الجائحة وكيف تساهمين اليوم من خلاله في تقريب الفنّ من العمانيّين والعمانيّات؟

رواق عالية هو عملي الفني الأكبر على الإطلاق، ويضمّ أكثر من 120 عملاً فنّياً من أعمالي، بعضها يعود للعام 2006. ولسوء الحظ، أثرّت الجائحة سلباً على مشروعي بحكم أنّني أردته أن يكون ملاذاً لعشاق الفنّ والموسيقى والثقافة، وبما أنّ التجمّعات كانت ممنوعة خلال العامين الماضيّين، كان ذلك أمراً مؤسفاً. أنّما من ناحية أخرى، أتى الكثير من متذوّقي الفنّ وتأمّلوا اللوحات لساعات وطرحوا الكثير من الأسئلة عليّ عند تواجدي في الرواق، وأجمعوا على أنّ الفنّ كان مهرباً حقيقيّاً خلال هذه الأوقات. وبالنسبة إليّ كفنانة، أتاحت الجائحة لي الفرصة للاستمتاع بعزلة فنّيّة، رسمت في خلالها عشرات الأعمال وتفرّغت للإشراف على مشروع الرواق.

هل لاحظت تفاعلاً مختلفاً مع أعمالك الفنّيّة بحسب البلدان التي شاركت في معارضه الفنّيّة؟ هلاّ تشاركينا حادثة طريفة أو مؤثّرة عشتها في أحد هذه المعارض حول العالم؟

نعم، ثمّة شعوب تتفاعل مع الفنّ بشكل أكبر، خصوصاً تلك التي تحظى بعدد أكبر من المعارض الفنّيّة. أمّا بالنسبة إلى الحوادث الطريفة، ففي كوريا الجنوبيّة حيث كنت أقيم معرضاً، طلب منّي أحد الحضور أن أعطيه بطاقة العمل الخاصّة بي، وعندما أخبرته بأنّني لا أحمل أيّ بطاقة، ضحك بشكل هيستيري وصار يقهقه أمام الناس متعجباً من ذلك، لدرجة أنّه بات يكلمّ نفسه بصوت عالٍ. فكان المنظر عجيباً وصادماً ومضحكاً في آن واحد. وفي موقف آخر، كان اثنان من مقتني الأعمال الفنّيّة يريدان نفس اللوحة من المعرض نفسه، ولكنّني بعتها للرجل قبل أن أعلم برغبة المرأة في اقتنائها. ولم تقتنع بأنّ العمل تمّ حجزه فكانت تجادلني لاستعادته من مالكه، وأصرّت أن أحلّ المشكلة وآتيها باللوحة. كان موقفاً ظريفاً ولا أدري إذا ما نجَحت لاحقاً في الحصول عليها.

هلاّ شاركتنا نظرتك للعالم الجديد الذي دخل فيه الفنّ مع الأعمال الفنّيّة القائمة على الرموز غير القابلة للاستبدال ومعارضها؟

أعتقد أنّ الوقت مبكر جدّاً للحكم على نجاح تجربة الرموز غير القابلة للاستبدال، ولكنّ الأمر يستدعي الانتباه. وعلى صعيد شخصي، قمت بتحويل عدد من الأعمال لهذه الرموز وسنقوم في وقت لاحق من هذا العام بإقامة حفل تدشين رسمي لعدد من أعمالي في صيغة الرموز هذه. ولا أدري كيف وكم سيؤثّر هذا العالم على الطريقة التي نتناول بها الفنّ ونتاجر به، لكن بالتأكيد سيجبر هذا العالم الفنانين على الخروج من منطقة الراحة وتجربة أساليب فنّيّة وتسويقيّة لم يعتادوا عليها.

بناءً على خبرتك العمليّة الواسعة والرائدة على الساحة الفنّيّة العمانيّة اليوم، ما هي نصيحتك للفنّانين الناشئين؟

أن يواصلوا حبّهم للفنّ حتّى وإن لم يترجم جهدهم إلى عوائد ماليّة في البداية. فالقطاع الفنّي، سواء المسرح أو الغناء أو غيره، بحاجة إلى سنوات عدّة إلى إثبات الذات وصقل المهارة المتفرّدة. وأدعوهم أيضاً إلى التعبير عمّا في ذواتهم دون تقليد فنانين آخرين، بحيث سينعكس ذلك على أصالة العمل وتميّز شخصيّتهم.

ما هي رسالتك لنساء وطنك في اليوم الوطني العماني؟

أن يتابعنَ تحقيق أحلامهنّ، ولا يلتفتنَ إلى من يحبط عزيمتهنّ. والمرأة العمانية قد أثبتت خلال العقود الماضية كفاءتها في إدارة المؤسّسات والقطاعات الكبرى في السلطنة، ونحن نطمح لمزيد من النساء الناجحات الحريصات على مستقبل هذا الوطن.

 

 

 

 

 

العلامات: Alia Al Farsi

اكتب الكلمات الرئيسية في البحث