كرة القدم النسائيّة: الغد يحمل الكثير من الفرص!

إنّها من أكثر الألعاب الجماعيّة شعبيّة حول العالم، وفيما حُصرَت بالرجال لمدّة طويلة... إلّا أنّها اجتذبت النساء أيضاً عبر التاريخ، فشكّلنَ فرقاً منتظمة واتّحادات وأصبحن يلعبنَ بشكل دوري وفي إطار محليّ وعالميّ. وبالرغم من تميّز النساء في هذه الرياضة، لا زلنَ وللأسف يتعرّضنَ لتعليقات مجحفة ذات طابع جندري. ولكن هذا العائق كما العوائق الأخرى لم تقف يوماً في وجه النساء اللواتي اعتدنَ محاربة الصور النمطيّة واتّباع شغفهنّ! وفيما يجتمع العالم كلّه في قطر خلال هذا الشهر في إطار فعاليات كأس العالم لكرة القدم، انتهزنا الفرصة للخوض في موضوع الرياضة النسائيّة في قطر وتحديداً كرة القدم. فكان لنا حديث شيّق مع السيّدة لولوة المري رئيسة لجنة رياضة المرأة القطريّة حول مساهمة اللجنة في تمكين النساء في مجال الرياضة وتقريبهنّ من النشاطات الرياضيّة. وسعدنا أيضاً بلقاء بعض أعضاء المنتخب القطري النسائي لكرة القدم للتعرّف أكثر إليهنّ وعلى نمط حياتهنّ. فطرحنا عليهنّ أسئلة عدّة، بدءاً من اهتمامهنّ بكرة القدم مروراً بتدريباتهنّ وتعبيرهنّ عن ذاتهنّ الحقيقيّة من خلال هذه الرياضة وصولاً إلى إمكانيّة مواجهتهنّ لبعض الصور النمطيّة والتعليقات الجندريّة في مرحلة ما من مسيرتهنّ.

Lolwa Al Marri : "كرة القدم النسائيّة في العالم في تطوّر سريع"

التصوير: Maximilian Gower

ساهم لجنة رياضة المرأة القطريّة منذ إنشائها في تقريب الرياضة من المرأة في قطر وتمكين النساء في القطاع الرياضي. وتطلعنا السيّدة لولوة المري رئيسة لجنة رياضة المرأة القطرية على موجز عن أنشطة اللجنة في هذا الإطار وتقول: " لجنة رياضة المرأة القطريّة حريصة على إعطاء فرصة الاستفادة من المشاركة في الرياضة للفتيات والسيّدات في دولة قطر، وتوفير فرص للاشتراك في الأنشطة الرياضيّة التي تنظّمها لجنة رياضة المرأة القطريّة في مختلف الألعاب. ويكمن هدفنا في جعل الرياضة أسلوب حياة". وتتابع: "نحن نعمل على تنظيم وإعداد الأنشطة الرياضيّة المختلفة ، متمثّلة في الدوري العام للسيّدات في الألعاب الجماعيّة ( كرة القدم، كرة اليد، كرة السلة) ودوري كرة الطاولة أيضاً بالإضافة إلى إقامة الكثير من الدورات التدريبيّة للمدرّبات واللاعبات في مختلف الألعاب. كما وأنّنا ننظّم فعاليات مجتمعيّة عدّة للسيّدات والأطفال. وتتابع: "ولتقريب اللاعبات من منتخب العنابي وكدعم منّا وتشجيعاً لهم في المونديال تمّ اعداد فكرة رائعة ومؤثّرة وهي تخصيص يوم للاعبات كرة القدم تحت 17 سنة في اللجنة وكتابة رسائل بخطّ اليد موجّهة إلى لاعبيهم المفضّلين وجمعها في علبة مع كرة المونديال وتسليمها من قبل إحدى اللاعبات لكابتن المنتخب حسن الهيدوس. وأقيم هذا الحدث في نادي السد الرياضي في التدريب الرسمي المخصّص لمنتخب العنابي وسط جماهيره. ومن الأفكار الرائعة التي نفذناها أيضاً هي الجمع ما بين الفنّ والرياضة، إذ تمّ تدشين جدارية لجنة رياضة المرأة الخاصّة بالمونديال، وكانت عبارة عن عدد من الرسمات المختلفة برسم من فنّانات قطريّات ساهمنَ معنا في ذلك. بالإضافة إلى جدارية أخرى رسمتها منتسبات مركز الشفلح لذوي الاحتياجات الخاصّة وكانت الفعالية ناجحة فعلاً. كذلك، ثمّة فيديوهات قصيرة مصوّرة لكلمات تشجيعيّة وتوّقعات لمنتخب العنابي وجّهتها لاعبات الأدعم ولاعبات بعض الأندية مساندةً ومؤازرة للمنتخب وتزامناً مع قرب المونديال، ونشرت في مواقع التواصل الاجتماعي".

ضمان الخصوصيّة للسيّدات

كيف تساعد اللجنة لاعبات كرة القدم أو النساء اللواتي يمارسنَ الرياضة بشكل عام في التّغلب على التّحديات التي قد تواجههنّ وفي الحصول على مكانة بارزة في مجتمعهنّ وفي المنطقة؟ تجيبنا المري: "تهتم لجنة رياضة المرأة القطريّة بتوفير المكان المخصّص لممارسة الرياضة بما يضمن الخصوصية للسيّدات في مختلف الرياضات . كذلك حرصنا على بناء علاقة وثيقة بالمجتمع وأصبحنا مصدر ثقة لهم ، وذلك من خلال إعداد بعض الدورات التدريبيّة للسيّدات وإشراكهنّ فيها، ممّا يساهم في تحقيق المكانة الخاصّة بالمرأة في مختلف المجالات. ومنها المجال الرياضي، الذي بدورنا في لجنة رياضة المرأة القطريّة نساعد على نشر هذه الثقافة في المجتمع. وفي ما يخصّ لعبة كرة القدم ولاسيّما أنّ قطر مقبلة على استضافة مونديال 2022 خلال هذا الشهر، تمّ تنظيم الكثير من فعاليات كرة القدم، كما يُقام سنويّاً الدوري العام للسيّدات ودورات تدريبيّة وتحكيميّة. الأمر الذي يساهم في إبراز دور المرأة في الرياضة".

المرأة تحتلّ مركزاً مرموقًا في لعبة كرة القدم

وفيما لا تزال النساء في مجال الرياضة في جميع أنحاء العالم يواجهنَ تعليقات متحيّزة وجندريّة، ماهي برأيها أفضل الاستراتيجيّات للقضاء على تلك السلوكيّات؟ تؤكّد: "هذا صحيح ومحزن للغاية ونحن جميعاً نعمل على أن تكون اللاعبة أكثر ثقة بنفسها فلا يؤثّر بها أيّ تعليق. وفي الوقت نفسه، نعمل على تثقيف المجتمع من خلال نشر رسالتنا". وما هي التغييرات الإيجابيّة التي تحدث اليوم في جميع أنحاء العالم وفي منطقتنا خصوصاً بالنسبة لكرة القدم النسائيّة مقارنة بما كان عليه قبل 10 أو 20 عاماً؟ تشير إلى التالي: "كرة القدم النسائيّة في العالم في تطوّر سريع مقارنة بالأعوام السابقة، وهذا ما نراه من خلال انخراط السيّدات في الأندية العالمية لكرة القدم مثل فريق بايرن ميونخ الألماني وفريق سبريت واشنطن الأميركي وغيرها من الأندية العالمية الأخرى. وأعطيكم هذه الأمثلة بحكم التعاون معهم في دولة قطر خلال معسكراتهم التدريبيّة، وذلك بتنظيم بعض الفعاليات المشتركة بين لاعباتنا ولاعبات تلك الأندية. وأصبحت المرأة تحتل مركزاً مرموقًا في لعبة كرة القدم من خلال تواجد الدبلوماسيّة السنغاليّة لدى الأمم المتحدة فاطمة سامورا في منصب الأمين العام للاتّحاد الدولي لكرة القدم «الفيفا» في مايو 2016، لتدخل التاريخ من أوسع أبوابه حيث أصبحت أوّل إمراه في هذا المنصب منذ تأسيس الاتّحاد. وتتواصل إنجازات المرأة على الصعيد الرياضي في كرة القدم، وذلك من خلال مشاركة 6 حكّام نساء، من بين 105 حكم في إدارة مباريات «مونديال قطر2022» وهي النسخة الأولى في التاريخ حيث يتمّ الاستعانة بالتحكيم النسائي في دورات كأس العالم. ولم يتوقّف الأمر عند هذا الحدّ، بل استعان المنتخب الإسباني الأوّل لكرة القدم بالمدرّبة نوريا مارتينيز نافاس منذ عام 2021، لتحلّ مكان سيلفيا دوشنيروفا، وهي امرأة أخرى شاركت في كأس العالم مع المنتخب الإسباني خمس مرّات."

أمر يدعو للفخر والاعتزاز

وكيف تنظر المري إلى وجود ثلاثة حكّام نساء ومساعدات للمباريات للمرّة الأولى في تاريخ كرة القدم في كأس العالم للرجال في قطر؟ تقول: "حظيت المرأة بمشاركتها التاريخيّة للمرة الأولى في تاريخ بطولات كأس العالم وذلك بمشاركة حكّام من السيّدات، حيث ضمّت القائمة التي تدير مباريات مونديال قطر 2022 الفرنسيّة ستيفاني فرابار، والرواندية ساليما موكاسانجا، واليابانيّة يوشيمي ياماشيتا. إضافة إلى ثلاثة مساعدات هنّ البرازيليّة نويزا باك، والمكسيكيّة كارين دياز ميدينا، والأميركيّة كاثرين نيسبيت.. وهو انتصار كبير للمرأة من خلال تواجدها في أكبر حدث عالمي، وسيتذكّر الجميع أنّ مونديال قطر شهد أوّل مشاركة نسائيّة في تحكيم مباريات البطولة، وهو أمر يدعو للفخر والاعتزاز." وتختتم حديثنا معها بتوجيه الرسالة التالية لبلدها وشعبها: " كلّنا كنّا ننتظر اللحظة التاريخيّة التي ستنظّم فيها دولة صغيرة وعربية في الشرق الأوسط مونديالاً عالميّاً بهذا الحجم، وبالفعل نحجت دولة قطر في ذلك. وهذا ما سنراه إن شاء الله خلال هذا الشهر باجتماع العالم هنا في قطرعاصمة الرياضة. وأتمنّى النجاح لهذا الحدث التاريخي والمزيد من التوفيق والنموّ في المجال الرياضي في دولتنا الحبيبة وخاصّة بعد الفوز باستضافة كأس آسيا. وكلّ التوفيق لمنتخب العنابي وكلّنا سنكون داعمين ومساندين ومشجّعين له، وكلّنا على الوعد .."

Shaima Al-Siyabi: "أنصح كلّ فتاة لديها طموح في لعب كرة القدم أن تمارسه بدون خجل"

تبلغ شيماء السيابي من العمر 30 عاماً وهي حارسة مرمى في منتخب قطر. فازت بالكثير من الجوائز مثل "أفضل محاسب" لـ9 مرّات متتالية، كما أنّها أيضاً مدرّبة! بدأ شغف شيماء بكرة القدم منذ الصغر، فكانت تلعب مع الأهل والجيران في البيت. وفيما زاد شغفها أكثر فأكثر لهذه اللعبة ولاحظت والدتها ذلك، بحثت عن مكان مختصّ لممارسة الرياضة فوجدوا مدرسة الوجبة التي تشمل كلّ الألعاب الرياضيّة، إنّما لم يكن يوجد كرة القدم للسيّدات. فتوجّهت الى أكثر من لعبة قبل ممارسة كرة اليد حتّى عمر الـ16 عاماً. وبعد ذلك سمعت بافتتاح نادي لكرة القدم للسيّدات ففرحت وتوّجهت للعب مع المنتخب حتّى هذا اليوم.

الرياضة تنظّم حياتي

واجهت شيماء الكثير من الانتقادات التي تفيد أنّ رياضة كرة القدم مخصّصة للرجال وليس للنساء، لكنّها واجهتها مؤكّدةً أنّ المواهب هي للرجال وللنساء على حدّ سواء! وكانت والدتها تقوم بتشجيعها دائماً على متابعة دراستها ومن ثمّ ممارسة هواياتها.

وتعتبر شيماء أنّ الرياضة هي صحّة للجسم وتقول: "الرياضة تنظّم حياتي وتجعلني في نشاط دائم". وهي تعتزّ بلحظات عدّة من حياتها الرياضيّة، تذكر منها: "هي لحظات أعتزّ بها، كحصولي على لقب أفضل حارسة وأفضل مدرّبة".

التعامل بروح الجماعة

وتخبرنا عن تأثير اللعب الجماعي على حياتها: "يعلّمني الصبر وعدم اليأس وكيفية التعامل بروح الجماعة". وعن طموحاتها المستقبليّة تؤكّد: "هدفي أن أصبح مدرّبة لحرّاس كرة القدم للجيل القادم وأيضاً الحصول على شهادة الحرّاس المستوى (B) وأطمح للوصول إلى المستوى الأوّل". وتختتم بتوجيه الرسالة التالية: "أنصح كلّ فتاة لديها طموح في لعب كرة القدم أن تمارسه بدون خجل، كما يمكنها ممارسة هذه الرياضة مع ارتداء الحجاب ملتزمةً العادات والتقاليد".

Asala Hijazi: "كرة القدم بمثابة غذاء لروحي"

تبلغ أصالة حجازي من العمر 23 عاماً وهي في مركز قلب الدفاع في المنتخب القطري النسائي لكرة القدم وتلقَّبها مدرّبتها وزميلاتها بالـBeast. تعمل أيضاً في مجال الرعاية الصحيّة كونها أخصائيّة تقنيّة في Sidra Medicine. وهي تؤمن بأنّها وجدت كرة القدم بالفطرة. فبدأ اهتمامها بهذه الرياضة منذ طفولتها، حيث اعتادت أن تلعب في الحديقة مع شقيقها الأكبر. وهي اليوم تلعب كرة القدم بشكل احترافي منذ العام 2010 أيّ منذ 12 عاماً، وتتدرّب حاليّاً ثلاث مرّات في الأسبوع.

كرة القدم هي الحياة

تشعر أصالة بالسلام وبالرضا عندما تلعب كرة القدم. وتخبرنا قائلة: "لا شكّ في أنّ كرة القدم تؤثّر كثيراً عليّ وعلى رفاهيّتي. ولست أبالغ بكلامي عن تأثيرها الكبير أبداً! فكلّما فزت، أطير من الفرح وأشعر بسعادة عارمة وبتدفّق الإندورفين في عروقي! كرة القدم بالنسبة إليّ هي غذاء لروحي. كرة القدم هي الحياة." وتشاركنا إحدى اللحظات العزيزة على قلبها من مسيرتها وتقول: "ألقابي التي تمكّنت من الحصول عليها مع نادي الخور الرياضي. فنحن حالياً أبطال الدوري القطري، وفزنا بالمركز الأوّل كأبطال متتاليين".

التعليقات النمطيّة

خلال نشأتها، هل واجهت أصالة أيّ تعليقات سيّئة تتعلّق بلعب كرة القدم أو لمنعها من الحصول على مسيرة مهنيّة في مجال كرة القدم؟ أم أنّها حظيت بدعم عائلتها والمجتمع من حولها؟ تجيبنا قائلة: "ما كنت لأشير إليها على أنّها "مسيرة مهنيّة" في كرة القدم، فهي بالأحرى رحلتي في كرة القدم. أقول ذلك لأنّه لسوء الحظ، ليست ممارسة مهنة في كرة القدم للسيّدات في المنطقة أمراً واقعياً. لكنّني ممتنّة طبعاً لأنّ عائلتي كانت تدعمني وتشجّعني في رحلتي هذه. ولا شكّ في أنّني واجهت تعليقات نمطيّة في المدرسة لأنّني ألعب كرة القدم، لكنّ ذلك لم يمنعني أبداً. فلم أستطع التخلّي عن أكثر ما أحبّ فعله، وعن حبّي وشغفي به. بل على العكس، فقد دفعني ذلك للاستمرار لأثبت لكلّ من شكّ فيّ أنّهم مخطئون".

إسعي وراء أحلام كبيرة وحلّقي عالياً

تعتبر أصالة أنّ اللعب ضمن فريق مذهل أعطاها بالفعل نظرة جديدة إلى الحياة. وتخبرنا قائلة: "إنّ اكتساب الخبرة في العمل الجماعي يسمح لك بالنظر إلى الحياة بطريقة مختلفة. وهكذا، نبدأ في التفكير بطرق لجمع أعضاء الفريق معاً للعمل نحو هدف مشترك، ممّا يؤدّي في النهاية إلى نتائج أفضل". وتخبرنا عن حلمها قائلة: "إنّ حلم تمثيل بلادي على المستوى الدوليّ هو حالياً اللعب في بطولة كأس دول مجلس التعاون الخليجي. وقد نحلم في المستقبل باللعب في التصفيات المؤهلة لكأس العالم للسيّدات". وتشاركنا لاعبة قلب دفاع المنتخب القطري لكرة القدم للسيّدات هذه النصيحة لكلّ فتاة عربية تحلم بمسيرة مهنيّة في كرة القدم وتقول: "اسعي وراء أحلام كبيرة وحلّقي عالياً".

Emna Boussarsar : "لا تتخلّي عن أحلامك، فأنت تحبّين ما تفعلينه وتبرعين فيه" 

تبلغ آمنة بو صرصار من العمر 18 عاماً. هي لاعبة كرة قدم في المنتخب القطري النسائي في موقع الهجوم أو الجناح. وتتعلّم حالياً اللغة الألمانيّة للسفر إلى ألمانيا بعد كأس العالم من أجل الدراسة ولعب كرة القدم. لطالما اهتمّت بهذه الرياضة في طفولتها وحلمت بأن تكون لاعبة محترفة عندما تكبر. و هي تمارسها منذ 11 عاماً وتعتبرها أسلوب حياتها. كما أنّها تتدرّب من 4 إلى 5 مرّات في الأسبوع مع فريقها وبمفردها كلّ يوم.

كرة القدم عضو إضافيّ من أعضاء الجسم

بالنسبة إلى آمنة، تشكّل كرة القدم جزءاً من حياتها اليوميّة فإذا لم تلمس الكرة طوال اليوم، تشعر أنّ شيئاً ينقصها. وإن لم يكن لديها تدريب، تشعر بالملل وترغب في الذهاب إلى التدريب . لذا هي تعتبر كرة القدم كعضو إضافيّ من أعضاء جسمها. وتخبرنا عن إحدى اللحظات المميّزة التي تعتزّ بها من رحلتها في كرة القدم قائلة:"من أكثر اللحظات المدهشة التي عشتها في حياتي هي رؤية لاعبات أعتبرهنّ مثلي الأعلى في كرة القدم للسيّدات يلعبنَ معي. كما عندما جاء فريق FC Bayern Munich ولعب معنا أو فريق Washington Spirit. فمن الرائع أن نرى لاعبات محترفات حولنا، إذ يمنحنا ذلك الأمل في أن نصبح مثلهنّ وأن نعمل بجدّ مثلهنّ."

التمييز هو المشكلة الأكبر في كرة القدم

هل واجهت آمنة في مرحلة ما الصور النمطيّة والتعليقات المتعلّقة بالجندر لمنعها من الحصول على مسيرة مهنيّة في مجال كرة القدم؟ تخبرنا قائلة: "حالياً، يشكّل التمييز المشكلة الأكبر في كرة القدم، وإنّها مسؤولية الجميع للسعي للتخلّص من ذلك، وعلينا تغيير الطريقة التي ينظر بها الناس إلى المرأة في الرياضة لأنّها تؤثر فعلاً على الأطفال ولا سيما على الفتيات". ثمّ تضيف قائلة: "كنت واحدة من اللواتي تخطّينَ هذا التمييز والتنمّر والعقليّة السيّئة، وفي مرحلة من حياتي كنت بصراحة على وشك الاستسلام والتخلّي عن أحلامي ولكن كان ثمّة صوت دائم في رأسي يقول لي: "آمنة، لا تتخلّي عن أحلامك، فأنت تحبّين ما تفعلينه وتبرعين فيه". هذا الصوت وهذه التجارب لم تسمح لي بالاستسلام فدفعتني إلى الأمام وجعلتني أتعلّم كيف أتوقّف عن الاهتمام بما يقوله الآخرون. أمّا عن عائلتها فتقول: "لم تكن عائلتي سعيدة جداً بخياري في البداية ولكنّ الجميع عادوا ودعموني أكثر من أي وقت مضى".

آمني بأحلامك

تعلّمت آمنة من العمل الجماعيّ أنّها لا تستطيع النجاح بمفردها فيجب أن يعمل جميع أعضاء الفريق في سبيل هذا الهدف. وتشاركنا المزيد عن حلمها قائلة: "الآن حلمي هو اللعب مع فريق أوروبيّ والوصول إلى مستوى أعلى. أعلم أنّني أستطيع فعل ذلك، لكن عليّ الحرص على إنجاز هذه المهمة إن شاء الله". وتختتم بمشاركة هذه النصيحة مع كلّ فتاة عربية تحلم بمسيرة مهنيّة في مجال كرة القدم: "أريد فقط أن أقول لكلّ فتاة عربيّة أن تسعى وراء أحلام كبيرة وأن تعمل على تحقيق أحلامها حتّى لو كان من الصعب مواجهة عقلية هذا المجتمع ولكن هذا ليس سبباً كافياً يجعلها تستسلم. آمني بأحلامك وبقدراتك وستنجحين. واستمرّي في البحث ولا تفقدي الأمل والثقة في نفسك".

Dwana Khalifa : "أنت تستطيعين أن تحقّقي النجاح هنا كما فعلنا نحن" 

تبلغ دوانا اسماعيل خليفة من العمر 31 عاماً وهي لاعبة خطّ وسط في المنتخب القطري النسائي لكرة القدم ومدرّبة النخبة في أكاديميّة كرة القدم. خلال نشأتها كانت وما زالت تعتبر والدها قدوتها. كان يلعب مع أصدقائه كرة القدم ويصطحبها معه حيث كانت تركض في الأرجاء مع كرتها وهي في الخامسة من عمرها فيما تراقبه وتقول لنفسها إنّها تريد أن تكون مثله. وقد أبدت الكثير من الاهتمام بهذه الرياضة فكانت تسأل والدها كلّ يوم عن موعد مباراته التالية حتى تتمكّن من اللعب أيضاً. وفي ذلك الوقت كانت هذه الطريقة الوحيدة للعب كرة القدم معه إذ لم يكن لديهم أندية للفتيات أو أماكن للّعب مخصّصة للفتيات باستثناء المدرسة. وهذا الحبّ لكرة القدم الذي رافقها منذ الصغر جعلها المرأة التي هي عليها اليوم والتي لطالما أرادت التغيير في كرة القدم النسائيّة بشكل عام. وبعد سنوات طويلة من اللعب مع الأندية والمنتخب الوطنيّ خلال نشأتها، قرّرت فتح أكاديميّة لكرة القدم وتدريب الفتيات. هي ترى نفسها فيهنّ وتعرف تماماً الشعور بالتمتّع بما يلزم من دون الحصول على الفرصة لإظهاره، فهذا ما اختبرته بنفسها.

الاحترام والكرامة والاستمراريّة والروح الرياضيّة

ليس لعب كرة القدم مجرّد رياضة بالنسبة إلى دوانا، فهي تقول لنا: " ليست بمهمّة سهلة. عندما كنّا أطفالاً نلعب ونتعلّم اللعبة، كان الأمر ممتعاً بالنسبة إلينا، واقتصر على ذلك. لكن عندما نصل إلى سنّ معيّنة ندرك أنّها أكثر من مجرّد رياضة وتمرين جسديّ، فتعلّمك كرةُ القدم الاحترامَ والكرامة والاستمراريّة والروح الرياضيّة خارج الملعب. أنا أحبّ اللعبة، ورؤية إنجازات أخي الأكبر في حياته الرياضيّة كلاعب محترف مع منتخب قطر ومسيرته في النادي الرياضيّ، قد أظهرت لي أهميّة العمل بجهد من أجل تحقيق أحلامنا. وهذا ما أحتاجه". وتعترف المدرّبة بأنّها كانت محظوظة بعائلة رائعة تدعمها في مسيرتها الرياضيّة وأنّ والدها هو المشجّع الأكبر لها.

وتشاركنا لحظة تعتزّ بها من مسيرتها هذه فتخبرنا قائلة: "هناك الكثير من اللحظات المميّزة لكن ثمة لحظة لا تفارقني أبداً وهي مباراتي الدولية الأولى بدعم من أفراد عائلتي، فكانوا يشاهدونني من بين الجمهور فيما سجّلت هدفاً أهديته لهم. كانت بالفعل لحظة مميّزة."

اسعي وراء حلمك فهو لن يأتي إليك

تظنّ دوانا أنّ اللعب ضمن فريق قد ساعدها كثيراً في الحياة بشكل عام، فتعلّمت أنّه في العمل الجماعيّ قوة تساعد للوصول إلى أهدافك. أمّا عند سؤالنا لها عن حلمها في تمثيل بلدها على المستوى الدولي، تجيبنا قائلة: "ذهبت الشهر الماضي إلى الولايات المتّحدة في برنامج تبادل دبلوماسي بين قطر والولايات المتحدة، ومثّلت الشابّات وتحدّثت باسمهنّ لكي يحصلنَ على مستقبل أفضل في كرة القدم ولاكتساب كلّ الاهتمام الذي يحتجنَ إليه. والمستقبل لنا". وفي النهاية، تشاركنا دوانا نصيحة لكلّ فتاة عربيّة تحلم بمسيرة مهنيّة في كرة القدم وتقول لها: "مهما كان حلمك في الرياضة ولا سيّما في كرة القدم، من المهمّ جداً أن يكون لديك نظام دعم، ولا تدعي أحداً يقول لك إنّك لا تستطيعين النجاح. فأنت تستطيعين أن تحقّقي النجاح هنا كما فعلنا نحن. اسعي وراء حلمك فهو لن يأتي إليك. كلّ شيء متوفّر اليوم للفتيات من أجل لعب كرة القدم، على عكس الوضع خلال نشأتي. فاغتنمي الفرصة وأثبتي نفسك".

Latifa Marzouq Al Abdullah: "بالعمل الجاد، لا حدود لما يمكنك فعله" 

تبلغ لطيفة مرزوق العبدالله من العمر 24 عاماً وهي حارسة مرمى في المنتخب القطري النسائي لكرة القدم. تحبّ لعب كرة القدم منذ الحادية عشرة من عمرها. وكانت تلعب كلّ يوم مع أخيها وأختها في المنزل وتشاهد دائماً المباريات مع والدها. فريقها المفضّل هو نادي الريان لأنّه كذلك لدى والدها، وقد ازداد اهتمامها في هذه اللعبة عندما بدأت بممارستها في المدرسة. فكانت متحمّسة جدّاً عندما علمت بوجود فريق لكرة القدم فالتحقت به فوراً!

كيف تشعر لطيفة عندما تلعب كرة القدم؟ تجيبنا قائلة: "أشعر بالإلهام والمقاومة والحيوية والقدرة على التحمّل وسأستمرّ في حبّ كرة القدم وفي اللعب حتّى يمنعني جسدي ويجبرني على التوقّف. لن يردعني شيء عن ممارسة الرياضة التي أحبّها والتي رافقتني طوال حياتي. ستكون دائماً جزءاً منّي وأنا جزءاً منها".

لطالما شجّعتها والدتها وعائلتها لتصبح الأفضل. وتخبرنا حارسة المرمى قائلة: "بفضل مدرّبتي ومديرة المنتخب الوطنيّ اللتين لم تعلّمانا لعب كرة القدم فحسب بل الكثير أيضاً ومنحتانا الاهتمام والرغبة في اللعب، أشعر أنّ الفريق هو عائلتي الثانية".

نحن ننجز أموراً عظيمة

أروع شعور في العالم بالنسبة إلى لطيفة هو تواجدها في ملعب كرة القدم، وهي تعلم أنّ فريقها سينجح لأنّها تنظر حولها فتجد أفضل 10 صديقات لها يلعبنَ إلى جانبها. وهي تستمتع دائماً مع اللاعبات في هذا العمل الجماعي الذي يقدّمنه. أمّا عن روح الفريق، فتخبرنا: "نحن نتعاون ونبقى دائماً إيجابيّات. نحن محترمات وننجز أموراً عظيمة ونحبّ ما نفعله ونعمل بجدّ وذكاء، ونتواصل ونستمع إلى بعضنا البعض ونسعى جاهدات من أجل التميّز. نحن فريق". وتختتم بهذه الرسالة: "ستواجهين العقبات وتقابلين أشخاصاً مشكّكين وتقترفين الأخطاء. ولكن بالعمل الجاد، لا حدود لما يمكنك فعله". 

Hajar Saleh: "الفرص المتاحة للنساء اليوم أكبر بكثير ممّا كانت عليه عندما بدأت اللعب" 

تلعب هاجر صالح في المنتخب القطري النسائي لكرة القدم وقد انضمت إلى فريق Aspire منذ أن كانت في السادسة من عمرها وكانت تجربة مفيدة إذ تمكّنت من اختبار كلّ أنواع الرياضات واستطاعت تطوير مهاراتها في اللعبة التي كانت تفضّلها. تم اختيارها كسفيرة "للجيل المبهر" لتمثيل قطر في كأس العالم في البرازيل عام 2014 وقد كانت تجربة تعليميّة جدّاً حيث اكتشفت كيف تتغيّر المجتمعات وتتحسّن وتتطوّر من خلال كرة القدم.

تحسين الرياضة النسائية

تتمتّع هاجر بخبرة كبيرة في كرة القدم لكنّ الوصول إلى نصف نهائي كأس العالم في بطولة Neymar Jr's Five وحصولها على رخصة تدريب من الفئة B في سنّ الـ23 هي أكثر إنجازاتها تميّزاً وفخراً والتي لا يمكنها أن تنساها. وكانت هاجر أيضاً جزءاً من برامج التبادل Qatar x Us Exchange 2022 فتخبرنا قائلة: "إنّه برنامج تبادل دبلوماسيّ رياضيّ حول تحسين رياضة كرة القدم النسائيّة في جميع أنحاء العالم، فحظيت بفرصة لمقابلة أشخاص من مختلف القطاعات يرغبون في تحسين الرياضة النسائية ومنح الناس المزيد من الفرص".

سيقدّم الغد المزيد من الفرص

وفي ما يتعلّق بكرة القدم للسيّدات في قطر، تقول لنا: "يتمّ حتماً اتّخاذ خطوات ثابتة لبناء كيان معترف به وثقافة كرة قدم في قطر ونأمل أن يتمكّن على المنافسة على الصعيد الدولي. وتتطوّر البيئة والثقافة الرياضيّة للفتيات بشكل عام في قطر، والفرص المتاحة للنساء اليوم أكبر بكثير ممّا كانت عليه عندما بدأت اللعب. وآمل أن يقدّم الغد المزيد من الفرص للشباب ولا سيّما الفتيات للتمكّن من لعب كرة القدم بحريّة أكبر". ثمّ أضافت قائلة: "وأتمنّى طبعاً أن أتمكّن من المساهمة وترك تأثير جيّد على مجتمع كرة القدم سواء من خلال اللعب أو التدريب، فليست كرة القدم مجرّد لعبة بالنسبة إليّ إذ أنّها تجمع بين الناس من مختلف البلدان والثقافات، فهي تعلّم الريادة والالتزام والعمل الجاد واحترام رأي الآخرين، ممّا يؤثّر في المجتمع بشكل إيجابيّ". وفي النهاية، تشاركنا هذه الرسالة الموجّهة إلى الفتيات الشابّات اللواتي يحلمنَ بلعب كرة القدم، قائلة: "أنصح كلّ لاعبة بالاستمرار في التقدّم نحو حلمها لأنّ الأمور تتغيّر مع عدد الأشخاص الذين يريدون أن تكون هذه اللعبة ناجحة ومهمّة".

Nasra Abdullah Al-Siyabi : "أودّ أن أرفع علم بلدي الحبيب عالياً"

بلغ نصره عبدالله السيابي من العمر 31 عاماً وهي في مركز المدافع سواء في المنتخب القطري النسائي لكرة القدم. وخلال نشأتها لعبت كرة السلّة لمدّة عام ثمّ انتقلت إلى كرة اليد ومارستها طوال 10 أعوام. وعندما سمعت عن وجود نادٍ لكرة القدم، انتقلت إلى هذه الرياضة لأنّها هوايتها المفضّلة وكانت تلعبها منذ الصغر، وهي اليوم في المنتخب القطري النسائي لكرة القدم منذ 9 سنوات وتتدرّب 3 مرّات في الأسبوع.

تفخر نصره بأنّها تلعب كرة القدم التي تعتبرها مفيدة لصحّتها وجسدها وحياتها. كما أنّها تنحدر من عائلة رياضيّة أيضاً وقد حظيت دائماً بالتشجيع لممارسة الرياضة!

حقّقي أحلامك!

تعتزّ نصره بالكثير من اللحظات المميّزة خلال رحلتها في الرياضة. وترغب في رفع علم بلدها الحبيب عالياً! وتختتم بتوجيه هذه النصيحة لكلّ فتاة عربيّة تحلم بلعب كرة القدم فتقول: "أنصحها بمشاركة أحلامها وتحقيقها لو مهما كانت الصعوبات التي تواجهها في الحياة".

 

اكتب الكلمات الرئيسية في البحث