فيما أسّست المصمّمة عزّة فهمي علامتها المرموقة للمجوهرات وجعلت منها شركة عالميّة، تفتخر بالعمل مع ابنتيها اللتين رافقتاها منذ صغرهما إلى المشغل. وكانت عزة فهمي دائماً تأمل أن تدخل بناتها في إطار هذا العمل العائليّ، رغم أنّ هذا الموضوع لم يكن يوماً مفروضًا أو تحت أي ضغط. فقد جاء دخول أمينة وفاطمة إلى عام اﻟﺤﻠﻲّ ﺑﺸﻜﻞ طﺒﯿﻌﻲ. فمنذ صغرهما، شاركتا في ﻣﻌﺎرض العلامة وورش اﻟﻌﻤﻞ، وحبّهما للحرفة كبُر مع هذه اﻟﺘﺠﺎرب. أﻣﯿﻨﺔ ھﻲ اﻟـمصمّمة الرئيسة، وﮭﻲ اﻟﻤﺴﺆوﻟﺔ ﻋﻦ اﻟﺘﺼﻤﯿﻢ وﻛﻞّ اﻟﺘﻔﺎﺻﯿﻞ اﻹﺑﺪاﻋﯿﺔ ﻓﻲ العمل، منذ بدء فكرة التصميم إلى أن تبصر اﻟﻘﻄﻌﺔ اﻠﻨﻮر. أمّا ﻓﺎطﻤﺔ، فهي المديرة التنفيذية، حيث تتولّى اﻹدارة، واﻟﺘﺨﻄﯿﻂ، واﻟﺘﻮﺳّﻊ، وﺘﺤﺮص دائماً على أن تتوسّع العلامة فيما تحافظ على هويّتها ولا تبتعد عنها. في هذه السطور، نسألهنّ عن تجربتهنّ في إطار هذا العمل العائلي الملهم، حيث يعملن يداً بيد للمحافظة على إرث "عزة فهمي"!
عزة فهمي وابنتاها، فاطمة غالي وأمينة غالي
من أكثر اﻟﻠﺤﻈﺎت اﻟتي تعتزّ بها المصمّمة عزة فهمي، هي عندما افتتحت البوتيك الأوّل الخاص بالعلامة ﻓﻲ المملكة العربية اﻟﺴﻌﻮدﯾﺔ، ﺑﻤﻔﮭﻮم ﺟﺪﯾﺪ يعكس اﻟﺘﺮاث اﻟﻤﺼﺮي ﺑﺮوح ﻣﻌﺎﺻﺮة. وتقول: "كنّا ﺣﺮﯾﺼﯿﻦ أنّ يحكي ﻛﻞ ﺗﻔﺼﯿل ﻓﻲ اﻟﻤﻜﺎن ﺣﻜﺎﯾﺘﻨﺎ، وعملنا ﻣﻊ ﻓﻨﺎﻧﯿﻦ ﺣﺮﻓﯿﯿﻦ ﻣﻤﯿّﺰﯾﻦ مثل راﻧﺪة ﻓﮭﻤﻲ، ﺑﻮﻗﺠﺔ، وﻣﺎرﻣﻮﻧﯿﻞ حتى ﻧﺨﻠﻖ ﻣﺴﺎﺣﺔ تجسّد روح العلامة." وتتابع:" راﻧﺪة ﻓﮭﻤﻲ، ﻣﺜﻼً، ﺻﻤّﻤﺖ ﻟﻨﺎ ﺛﺮﯾﺎ ﻣﻦ ورق اﻟﺒﺮدي ﻛﺮﻣﺰ ﻟﻠﺤﯿﺎة وروح اﻟﻨﯿﻞ، وكذلك ﺳﺘﺎرة ﻣﻦ اﻟﻨﺤﺎس ﻣﺴﺘﻮﺣﺎة ﻣﻦ اﻟﻌﻤﺎرة اﻟﻤﻤﻠﻮﻛﯿﺔ. أﻣﺎ ﻣﺎرﻣﻮﻧﯿﻞ، ﻓﻘﺪّﻣﻮا ﻟﻨﺎ أرﺿﯿﺔ رﺧﺎﻣﯿﺔ ﻣﺴﺘﻠﮭﻤﺔ ﻣﻦ ﻧﻘﻮش ﻣﻘﺎﺑﺮ اﻟﺒﺮّ اﻟﻐﺮﺑﻲ ﻓﻲ اﻷﻗﺼﺮ، وﻛﺎﻧﺖ ﻓﻌﻼً ﻗﻄﻌﺔ ﻓﻨﯿّﺔ تربط اﻟﻤﺎﺿﻲ ﺑﺎﻟﺤﺎﺿﺮ. وﻣﻊ ﺑﻮﻗﺠﺔ، عملنا ﻋﻠﻰ ﺣﻮاﺋﻂ ﻣﻨﺴﻮﺟﺔ ﯾﺪوﯾًﺎ وﻣﺰﯾّﻨﺔ ﺑﺮﻣﻮز ﻣﺴﺘﻮﺣﺎة ﻣﻦ ﻓﻦّ اﻟﻤﻌﺎﺑﺪ اﻟﻤﺼﺮﯾﺔ اﻟﻘﺪﯾﻤﺔ. حيث ﻛﻞّ ﺗﻔﺼيل ﻛﺎن له قصة. كذلك، ﻣﻦ اﻟﻠﺤﻈﺎت التي تفتخر بها ﺟﺪًا، هي ﺗﺄﺳﯿسها ﻟﻤﺪرﺳﺔ وﻣﺆﺳﺴﺔ ﻋﺰة ﻓﮭﻤﻲ. وتؤكّد: "لم يكن اﻟﺤﻠﻢ فقط يتعلّق بتصميم اﻟﺤُﻠﻲ، إنّما أيضاً ﻓﻲ ﺗﻤﻜﯿﻦ ﺟﯿﻞ ﺟﺪﯾﺪ ﻣﻦ اﻟﻤﺼﻤﻤﯿﻦ واﻟﺤﺮﻓﯿﯿﻦ كي ﯾﺠﻤﻌﻮا ﺑﯿﻦ اﻹﺑﺪاع واﻟﺤﺮﻓﺔ، وﯾﻘﺪّﻣﻮا أعمال ﺑﻤﺴﺘﻮى ﻋﺎﻟﻤﻲ تعكس ﺗﺮاﺛﻨﺎ ﺑﺮوح ﺟﺪﯾﺪة." وتضيف:" والآن، فيما نحتفل ﺑﺎﻓﺘﺘﺎح اﻟﺒﻮﺗﯿﻚ اﻟﺠﺪﯾﺪ ﻓﻲ ﻟﻨﺪن، أشعر ﺑﻔﺨﺮ ﻛﺒﯿﺮ أنّ اﻟﺤﻠﻢ يكبر وﯿﺘﺤﻘﻖ ﺧﻄﻮة ﺑﺨﻄﻮة."
عزة فهمي وابنتها أمينة غالي
وعن إيجابيّات العمل ﻣﻊ أﻓﺮاد ﻣﻦ اﻟﻌﺎﺋﻠﺔ ووجود أيّ ﺗﻘﻠﯿﺪ يعتمدنه ﺧﻼل اﻟﻌﻤﻞ ﺳﻮﯾّﺎً، تجيبنا: "ما أحبّه ﻓﻲ ما يخص العمل ﻣﻊ ﺑﻨﺎﺗﻲ هو أنّنا نتشارك ﺛﻘﺔ وفَهمًا ﻣﻦ دون الحاجة إلى كثير من الكلام. ﻛﻞ واﺣﺪة بيننا تعرف الأخرى وتكمّلها، وذلك يؤدّي إلى تقدّم العمل ﺑﺎﻧﺴﺠﺎم وطﺒﯿﻌﯿﺔ. وﺑﻤﺎ أنّنا عائلة، فنحن معتادات دائماً أن ﻧﺤﺘﺮم آراء ﺑﻌضنا، ونعطي ﻛﻞّ واﺣﺪة منّا اﻟﻤﺴﺎﺣﺔ التي ﺗﻌﺒّﺮ فيها ﻋﻦ ﻧﻔﺴﮭﺎ وتقوم بالإضافة على طريقتها.
الشغف واﻹﺻرار وراء كلّ قطعة
وتخبرنا فاطمة وأمينة عن اﻷﻣر اﻟذي تعلّمتاه ﻣن واﻟدﺗهما واﻟذي طﺑﻊ ﺣﯾﺎﺗهما اﻟﻣﮭﻧﯾّﺔ، وتقولان: "في صغرنا، ﻛﻧﺎ نحن الإثنتان نعيش في ﻋﺎﻟم اﻟﺣُﻠﻲّ ﺑﻛل ﺗﻔﺎﺻﯾﻠﮫ، وﻛﺎن الأمر ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻟﻧﺎ طبيعيّ ﺟدًا. منذ أن بدأنا بمساعدة ﻣﺎﻣﺎ ﻓﻲ اﻟﻣﻌﺎرض واﻟورش، كنا نجلس ﺳﺎﻋﺎت ﻧرﺗّب اﻟﻌرض ونرى ﻛل ﺧطوة ﻓﻲ ﺗﺻﻣﯾم وﺗﻧﻔﯾذ اﻟﻘطﻊ. ولكنّ اﻟﻣوﺿوع لم يكن يتعلّق فقط بتعلّم الجانب التقني، ولكن أن نرى اﻟﺷﻐف واﻹﺻرار وراء ﻛلّ ﻗطﻌﺔ. كما أن نراها ﺗﺣﺎول التوفيق ﺑﯾن أن ﺗﺑﻘﻰ أمّ تربّينا بمفردها، وﻓﻲ اﻟوﻗت عينه ﺗﺑﻧﻲ علامة أصبحت اليوم عالميّة. لم يكن التزامها فقط ﺑﺻﻧﺎﻋﺔ اﻟﺣُﻠﻲّ، ﻛﺎن درساً ﻓﻲ اﻟﻘوة واﻹرادة. رأينا مدى إخلاصها لعملها ﺣﺗﻰ وﺳط اﻟﺗﺣدﯾﺎت، وذلك ﺷﻛّل ﺷﺧﺻﯾﺗﻧﺎ. ﻋﻠّﻣﺗﻧﺎ ﻗﯾﻣﺔ العمل اﻟﯾدوي، وأھﻣﯾﺔ اﻻﺟﺗﮭﺎد وﻋدم اﻻﺳﺗﺳﻼم. هذه اﻟﻠﺣظﺎت بجانبها ﻛﺎﻧت ﻣؤﺛرة ﺟدًا، وجعلت ﻋﻼﻗﺗﻧﺎ ﺑﺎﻟﺣُﻠﻲّ ﻣﺧﺗﻠﻔﺔ، وﻏﯾّرت ﻧظرﺗﻧﺎ ﻟﻠدﻧﯾﺎ." كما كانت موافقة والدتها عام 2011 للمرة الأولى على أقراط رسمتها من دون التعديل بها، هي ذكرى عزيزة ﻋﻠﻰ قلب أمينة أﺛّرت ﺑها ﺧﻼل هذه المسيرة.
عزة فهمي وابنتها فاطمة غالي
وتشاركنا عزة فهمي اﻟﻨﺼﺎﺋﺢ اﻟﻤﺘﻌﻠّﻘﺔ ﺑﻤﺴﺘﻘﺒﻞ اﻟﻌﻼﻣﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺴﺪﯾﮭﺎ ﻟﺒﻨﺎﺗها اﻟﯿﻮم، وتؤكّد: " دائماً أﻘﻮل ﻟﺒﻨﺎﺗﻲ أن يأخذن ﻛﻞّ ﺗﺤﺪّي ﻛﻔﺮﺻﺔ يتعلّمن ﻣﻨﮭﺎ. ﻓﻲ أول ﻣﺸﻮاري، ﻛﻨت أحياناً أنزعج ﻣﻦ أي ﻧﻘﺪ، ولكن ﺑﺼﺮاﺣﺔ، هذه اﻟﻠﺤﻈﺎت ﻛﺎﻧﺖ ﻣﻦ أھﻢّ الأمور التي ﺳﺎﻋﺪﺗﻨﻲ أن أﺗﻄﻮّر وأكبر. وتتابع:" دائماً اسمعي لصوت شغفك، لرؤيتك، ولإحساسك الداخلي، وتذكّري أنّ الإصرار والصبر هما المفتاح لتخطي أيّة صعوبة."
وعن اﻹرث اﻟﺬي ترغب ﺑﺘﺮﻛﮫ ﻋﻠﻰ ھﺬه اﻷرض ﻣﻦ ﺧﻼل علامتها، تختم: " دائماً كان هدفي ألاّ تكون عزة فهمي علامة حليّ فقط، بل أن تكون جسرًا يربط الناس بثقافتهم، وتاريخهم، وهويّتهم. أرغب أن أترك خلفي إرثاً يروي حكايات من تراثنا بأسلوب معاصر، ويلهم أجيال جديدة أن تفتخر بجذورها وﺗﺆﻣﻦ أنّ اﻟﺤُﻠﻢ ﻣﻤﻜﻦ أن ﯾﺘﺤﻘﻖ ﺑﺎﻟﺸﻐﻒ واﻹﺻﺮار. اﻹرث الذي أحلم أن أتركه ھﻮ أن تستمرّ اﻟﻌﻼﻣﺔ وﺗﻜﺒﺮ، ولكن أن تبقى دائماً ﻣﺤﺎﻓﻈﺔ ﻋﻠﻰ روﺣﮭﺎ، وﻋﻠﻰ رﺳﺎﻟﺘﮭﺎ".
إقرئي أيضاً: مجموعة Azza Fahmy X Bokja احتفال بالتراث المصري بلمسة حديثة