بطبعي أحبّ الورود الملوّنة خصوصاً الزهريّة منها ليس بسب تعلّقي بالقصص الورديّة، إنّما لأنّها تمدّني بالإيجابيّة. غريبٌ أمر هذه الورود التي غايتها الوحيدة أن تجمّل محيطها وتؤنسنا... فسواء كانت جذورها معلّقة بالأرض أم كانت مقطوفة، سواء كانت خريفيّة، شتويّة، ربيعيّة أو صيفيّة تأثيرها علينا هو عينه. ربّما يختلف وقعه بحسب مزاجنا إنّما هو تأثير محتموم!
قد أبقى لوقت طويل أتأمّل الورود وأستلهم منها، فلكم هي صبورة على الرياح والمطر وأشعّة الشمس والنحل والكائنات الأخرى التي قد تتعدّى عليها... ولكم هي مثابرة تواصل نموّها متحديّة كلّ الظروف المحيطة بها... فتكبر وتنمو وتزداد جمالاً حتّى تصل إلى غايتها الوحيدة : أن تبهر حواسنا وتلهمنا! ثمّ تنطفئ بكلّ هدوء من دون دراما، متمّمةً واجباتها معنا! ربّما من الأنانيّة أن نفكّر أنّها تفعل ذلك من أجلنا وربّما من الأنانيّة أيضاً أن نقطفها... ولكن على كلتا الحالتيْن، لا يسعنا إلاّ أن ننبهر بها!
ومن باب شغفي بالورود، لعلّ من أجمل الخبرات التي عشتها في مدينة بانكوك منذ بضعة سنوات كانت المشاركة في مشغل Oneday Wallflowers حيث تعلّمت صناعة أكاليل الزهور. هي خبرة لا زالت محفورة في ذاكرتي، حيث شعرت أنّني أشارك في خلق لوحة فنيّة عناصرها طبيعيّة. فكان عليّ أن أتخيّل بنفسي الإكليل الأنسب لي، فاختلط حبّي للورود مع استمتاعي بهذه الخبرة.
وما زاد هذه الخبرة تشويقاً هو حصولها في هذه المدينة التي تنبض بالألوان والبسمات على بعد أمتار قليلة من سوق الزهور الذي يشعّ بألف لونٍ ولون!
في الماضي، كانت أكاليل الورود هذه تقدّم لتكريم الأشخاص المتميّزين من مجالات مختلفة، حيث يرمز هذا الإكليل عموماً إلى التعاطف والسلام والحبّ والنقاء. وقد نشأت هذه الحرفة في الهند قبل أن تنشر في آسيا ومنها إلى العالم! وها إنّي قد تعرّفت إليها وتعلّمتها في تايلاند!
تذكّرني الورود أيضاً بأهميّة الوقت... فكما يقول Antoine de Saint-Exupéry على لسان الأمير الصغير، إنّه الوقت الذي أضعته على وردتك الذي يجعلها مهمّة بالنسبة لك، تماماً كما علاقاتنا في الحياة... كم من علاقة رَويْنا وقدّمنا لها الإهتمام والظروف المناسبة للنموّ ولكنّها باءت بالفشل. فهل أثمن من وقتنا لنقدّمه، وما أتعسنا إذا شعرنا أنّنا أضعناه سدى، فهو المورد الوحيد الذي لا نسترجعه أبداً والتعلّم من الخطأ فضيلة!
إقرئي أيضاً: لهذا السبب أحبُّ سيسي!