
التصوير: Maximilian Gower
الإدارة الفنيّة: Farah Kreidieh
التنسيق: Sarah Rasheed
عندما أسّست Zina Khair علامة "Le Marais 101" في العام 2019، هدفت إلى ابتكار إكسسوارات جلديّة مصنوعة يدويّاً تكمّل الأسلوب الشخصي للمرأة وتثني عليه من خلال إعادة ابتكار الحقائب القديمة وتخصيص تلك الجديدة. وبفضل ذلك، منحت إكسسوارات حقائب اليد بُعداً جديداً يؤكّد على أهميّة الفرادة والاستدامة! والواقع أنّ Zina انتقلت من سوريا إلى دبي في العام 2012 عقب اندلاع الحرب في وطنها، ومكثت مع عائلتها في شقة فندقيّة لمدّة عامين ونصف قبل أن تنتقل في العام 2015 إلى منزل خاصّ بهم ملؤوه بالكامل بالأعمال الفنيّة التي تحمل كلّ منها قطعة من أرواحهم وذكرياتهم التي تركوها في دمشق. وقد زرنا منزلها في دبي الذي يبدو أشبه بمعرض فنّيّ... حيث أنّ حبّ Zina للفنّ وتقديرها له بدأ انطلاقاً من شغفها به ونما معها على مرّ السنين! انضمّي إلينا في ما يلي للتعرّف أكثر على المفهوم الكامن وراء علامتها التجاريّة واكتشاف كيف يظهر ارتباطها بجذورها السوريّة في ديكور منزلها وأيضاً القصّة وراء الارتباط الوثيق بين قطعها الفنّيّة وتعريفها للمنزل.
هل يمكنك إخبارنا قصّة Le Marais 101 ؟
الحقيقة أنّني وصلت إلى الإمارات العربيّة المتحدة عقب النزاع في سوريا في العام 2012. وبعد بضع سنوات من العزلة الذاتيّة، قرّرت العودة تدريجيّاً إلى حياتي الاجتماعيّة. فبدأت في الخروج واستيقظت على واقع جديد، حيث بدت لي النساء مثاليات جداً لدرجة أنّهن بدَون متشابهات. هذا العصر الرقمي، حيث من السهل علينا أن نفقد إحساسنا الحقيقي بذاتنا. وهذا العالم الذي أدّى فيه ضغط غير معلن إلى وضع مجموعة من القواعد غير العادلة، ممّا أدّى إلى فرط في الاستهلاك وفقدان التفرّد.
من هنا، ارتأيت أنّه سيكون من الجيّد ابتكار مفهوم يحاول تغيير ذلك، ويحتفي بشخصيّة كلّ امرأة من خلال الإثناء على أسلوبها الشخصيّ. فاخترت أن أبدأ بحقائب اليد، لأنّنا كنساء ننشئ علاقة استثنائيّة مع أغلى ما نملك، ألّا وهي حقيبة يدنا. إنّها إكسسوارات تحتوي على عالمنا كلّه، وتزيد من جمال ملابسنا، وتصوّر شخصيّتنا علاوةً على ذلك. لذا أردت ابتكار عنصر من شأنه أن يمنح الحقيبة مظهراً جديداً على أساس يوميّ، وفرصة لارتدائها بشكل مختلف بدون الاستغناء عن دورها في عكس هويّة السيدة التي تحملها أو مزاجها. بعبارة أخرى، أردت تقديم بُعد جديد لإكسسوارات حقائب اليد، ومشاركة رسالة أساسيّة بشأن أهميّة الفرادة والاستدامة.
بصفتنا من عشاق الحرفيّة درسنا أنا وشريكتي Angelique Tournoud الرمزيّة المستخدمة لتزيين الإكسسوارات المتنوّعة بمختلف أشكالها. وأعدنا تفسير هذه الرموز الثقافيّة لترتبط بالمشاعر، كلّ ذلك بالتوازي مع الجمع بين الفنون والذاكرة. والهدف من خلال إبتكاراتنا تنحية إملاءات الموضة التقليديّة جانباً. كذلك، يمكن التعرّف على قطعنا الفريدة على الفور، وهي تستعرض أذواقنا المميّزة وتبرز شخصيّاتنا.
لماذا سميّت علامتك التجاريةّ تيمناً بحيّ Le Marais في باريس؟
إنّنا نستقي الإلهام لعلامتنا التجارية من حيّ Marais الباريسي المشهور، الذي يعتبر بقعة استراتيجيّة في المدينة، مشهود لها بإرساء الموضة على مستوى العالم لعدّة قرون. وبينما كان بإمكاننا ربط علامتنا بأحياء الموضة الباريسيّة الشهيرة الأخرى مثل شارع Faubourg Saint-Honoré وAvenue Montaigne، غير أنّنا شعرنا بأنّ شوارع التسوّق هذه أقلّ تأثيراً بالمقارنةً مع حيّ Le Marais الصاخب حيث يسود شعور بالحريّة المطلقة.وقد أعدنا تعريف هذا المفهوم من خلال منتجاتنا. حيث أنّنا نمثّل مجتمع Le Marais الابتكاري والطليعي والفنّي الذي يتميّز بحّب فطري للحياة من خلال قطع مجموعتنا. فنصنع إكسسوارات توقظ إحساس المرأة بالأناقة وترسم ابتسامة على وجهها، وتجلب الفرح لها، في تماثل مع طاقة Le Marais الفريدة والغريبة والفريدة.
من خلال إعطاء الحقائب الأزليّة هويات جديدة، إنّك تمنحين كلّ امرأة الفرصة للحصول على قطعة أنيقة ومخصّصة حسب الطلب. هل تعتقدين أنّ التخصيص في الموضة سيصبح المعيار الجديد؟
أشعر اليوم بأنّ الزبونات ينجذبن إلى العلامة التي تجعلهنّ يشعرن بأنّها تستمع إليهنّ وتفهمهنّ وتهتم بمتطلباتهنّ واحتياجاتهنّ المحدّدة. أي إنّ الناس يميلون إلى الحصول على التجارب الشخصيّة ويفضّلونها. فبالنسبة إلى الزبونة، يسمح التخصيص لها بالتميّز والتأكيد على تفرّدها بالتوازي مع التعرّف إلى نفسها من خلال المنتج. وبمرور الوقت، شهدنا تحوّلاً ملفتاً من الإنتاج الضخم إلى التخصيص الشامل. ففي البداية، كان الشاغل الأساسي للجانبين هو التكلفة، ومع ذلك فقد وصلنا إلى مرحلة حيث لم يعد السعر على القدر نفسه من الأهميّة بالمقارنة مع إشراك الزبونات وبناء رابط معهنّ. ففي نهاية المطاف، يبقى العامل الأكثر أهميّة هي تلك المشاعر التي تطوّرها الزبونة مع العلامات التجاريّة أثناء ابتكار المنتجات والخدمات التي تشتريها. بحيث تشعر الزبونة تلقائيّاً بالتقدير وتميل إلى إنشاء علاقة مع العلامة على المدى الطويل.
كيف توفّقين بين أذواق الزبونات ورغباتهنّ من جهة وإلهامك وقواعد التصميم الخاصّة بك من جهة أخرى؟
نحن لا نؤمن بقواعد التصميم بشكل عام. بل إنّ الإرشادات الوحيدة التي نتّبعها هي تلك المتعلّقة بمصادر مواد التصنيع التي نعمل بها، وظروف العمل ضمن عمليّة الإنتاج، وجودة اللمسات النهائيّة، وأخيراً قيمنا التي نعكسها من خلال رسائل تجسّدها رموزنا، ألا وهي: احترام جميع الأعراق والخلفيّات والجندر. أمّا الباقي فهو عبارة عن عمليّة تعلّم متغيّرة ومستمرة أستمتع بها وشريكتي كثيراً.
وقد تعتمد التعليقات على الألوان والأحجام الجديدة وحتّى التصاميم المقترحة مِن جهة الزبائن. ونحن نحبّ الاستماع إلى آرائهم، لأنّ منتجاتنا تتوقفّ على الشعور والرابط الذي تحسّه الزبونات تجاهها. وعلى سبيل المثال، صحيح أنّنا صمّمنا في الأصل قطعنا للنساء، إنّما مع مرور الوقت فوجئنا بمعرفة أنّ الرجال مهتمون أيضاً بمنتجاتنا. إذاً تغيّرت رؤيتنا مع تغيّر عقليّة زبوننا الهدف... ونعتقد أنهم سيستمرون في التطوّر والتغيير. وهنا تماماً يكمن جمال هذا المفهوم والتحدّي الحقيقي وراءه.
كيف تسهمين من خلال علامتك التجاريّة في جعل العالم مكاناً صديقاً للبيئة؟
تمثّل الاستدامة جوهر مفهومنا. وفي الواقع، تعتبر Le Marais 101 مفهوماً أكثر من كونها علامة تجاريّة. إذ تقضي فكرتها بالاستعاضة عن شراء الأحدث دائماً من العلامات التجاريّة، وتعلّم ارتداء كلّ قطعة تمتلكينها بشكل مختلف، ممّا يجعل كلّ واحدة منها مميّزة بسهولة تامّة. ولهذا السبب أتينا بالفكرة التي تصوّرناها لتكمّل كلّ قطعة مشتراة مسبقاً وإعادة النظر فيها وإعادة تدويرها. إنّنا نستخدم جلود الأبقار بشكل أساسي كمنتج ثانوي من صناعة أخرى، ونبحث حاليّاً عن خيارات صديقة للبيئة وخالية من الكروم وصديقة للنباتيّة الصرف. هذا ونعمل أيضاً على إنتاج مجموعات خاصة في البلدان الناشئة لتعزيز الإنتاج المحلي والحفاظ عليه.
هل فكّرت يوماً في تصميم الإكسسوارات المنزليّة؟
ليس تماماً، إذ إنّنا نمثّل مفهوماً جديداً وأجد أنّه علينا التركيز على عنصر واحد
في الوقت الحالي، حتّى يفهم الناس حقاً الفكرة الكامنة وراءه، وإلّا فقد يكون الأمر محيّراً جداً. ومع ذلك، فنحن منفتحون دائماً على التعاون مع أيّ علامة تجاريّة متخصّصة في منتجات مختلفة، بما في ذلك الإكسسوارات المنزليّة لابتكار مجموعات صغيرة.
باعتبارك من هواة جمع الأعمال الفنيّة، ما النصيحة التي أسداها لك والدك ونقلتها إلى بناتك؟
في الحقيقة، لم يقدّم لي والدي ولا لأخواتي أيّ نصيحة مباشرة... أي أنّه لم يخبرنا يوماً بما يجب القيام به أو عدم القيام به، إنّما تصرّف بطريقته العاطفيّة الخاصة وتركنا نشاهده بينما فعل ذلك. ولكن عندما يتعلق الأمر بجمع الأعمال الفنيّة، فأظنّ أنّه من غير الممكن أن تنطلق هذه الممارسة إلاّ من الشغف. ومع مرور الوقت، نكتشف ونشارك ونتعلّم الكثير. والدليل على كلامي أنّ والدي ووالدتي جمعا الأعمال الفنيّة لـ Fateh Al Moudarres حصراً. لذا بطبيعة الحال بدأت الجمع بهذه الطريقة، غيرأنّني اكتشفت وزوجي أنّنا مهتمّون بالفنانين السوريّين الآخرين أيضاً. وأعتقد أنّني قرّرت فعل الأمر نفسه مع بناتي اللواتي ترعرعن وعشن في منازل مليئة بالأعمال الفنيّة أيضاً. وبالتالي، فقد شهدن الحماسة الحقيقيّة التي تغمرنا عندما تزيّن قطعة جديدة جدران منزلنا. كذلك، فقد استمعن إلى محادثاتنا، ولطالما شعرن بالفضول لمعرفة المزيد عن الفنّانين وعن كلّ عمل فنّي موجود في المنزل وعن قصة جدّهم مع فاتح المدرّس. وجلّ ما آمله لهنّ هو أن يكبرن ليصبحن من هواة جمع الفنون أيضاً ولكن بطريقتهنّ المختلفة ربّما.
غادرت سوريا حيث "تركت روحك" وانتقلت إلى دبي في العام 2012، كيف تمكّنت من جعل هذا المكان "منزلك"؟
بعد اندلاع الحرب في سوريا في العام 2012 ، انتقلنا إلى دبي حيث مكثنا في شقة فندقيّة لمدّة عامين ونصف. ولم أرغب في الانتقال إلى شقة عاديّة لأنّني لطالما اعتقدت أنّ تلك المرحلة ستكون مؤقتة. وفي خلال تلك السنوات، رفضت تعليق أيّ لوحة على الجدران لأنّ تلك الأعمال الفنيّة مثّلت "منزلي". ثمّ أدركت أنّني لن أعود إلى دمشق قريباً، وبدأت في الانفتاح على دبي التي أعتبرها موطني الثاني اليوم. وفي العام 2015، انتقلنا إلى شقة ملأناها بالكامل بالأعمال الفنيّة، وكلّ واحدة منها تحمل قطعة من أرواحنا وذكرياتنا حول ما تركناه في دمشق، إذ كنت بحاجة إلى التعويض عن كلّ السنوات التي خلت من الروح. ولا أعتقد أنّ مساحة المنزل الأصغر هي التي جعلتنا نقرّر تعليق اللوحات بهذه الطريقة المكثفة فحسب، بل إنّ الشوق إلى "الوطن" والحاجة إلى تعويض كلّ الوقت الضائع هو السبب وراء ذلك.
كيف تظهر جذورك السوريّة في ديكور منزلك؟
تبدو العلاقة بين جذورنا السوريّة وديكور منزلنا واضحة جداً، غير أنّها سلسة جدّاً أيضاً. إذ إنّ ديكور منزلنا حديث وبسيط، على الرغم من أنّنا نمتلك أثاثاً دمشقيّاً عتيقاً جميلاً وألواحاً عجميّة نادرة، إنّما اخترنا القطع البسيطة وأحادية اللون لتسليط الضوء على الأعمال الفنّيّة التي تزيّن الجدران. وأعتقد أنّ فقط أولئك الذين لديهم خلفيّة في الحركة الفنيّة الحديثة والمعاصرة في سوريا سيفهمون تلقائيّاً الارتباط بجذورنا، لأنّ جميع جدراننا في المنزل مغطّاة بلوحات لفنانين سوريّين مشهورين.
يبدو منزلك كمعرض فنّيّ يحتوي على القطع الجميلة التي جمعتها على مدار سنوات. كيف تعتقدين أنّ الفنّ ساعدك شخصيّاً على تجاوز التّحديات التي واجهتها البشريّة بسبب جائحة COVID-19؟
شخصيّاً أعيش في شقة في الطابق 69 بدون مساحة خارجيّة. وانتشار أفراد أسرتي في جميع أنحاء العالم مثّل تحديّاً حقيقيّاً بالنسبة إليّ لأنّ الحدود أغلقت ولم يعد السفر ممكناً. ومثلما قلت سابقاً، إنّ القطع الفنّيّة مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بتراثي وتربيتي السوريّة، وكلّ واحدة منها تعيدني إلى ذكرى مختلفة. والواقع أنّها ساعدتني بشكل جماعي على الهروب من الفوضى المستمرّة، ونقلتني إلى أوقات أكثر بساطة وجعلتني أتمسّك بالأمل بغدٍ أفضل.
هل تعتقدين أنّه ثمة علاقة بين القطع الفنّيّة والمساحة التي نضعها فيها؟ هل من شأن معناها أو دلالتها أن تتغيّر من مكان/بلد إلى آخر؟
بالطبع ثمة ارتباط ما بين القطع الفنيّة والمساحة التي نضعها فيها. حيث أنّ القطع الفنيّة لها قصّتها الخاصّة لتعيشها وترويها مثلنا تماماً. والحقيقة أنّنا عندما علّقنا اللوحات في منزلنا بدمشق، وضعتها بطريقة مختلفة تماماً لأنّ الخلفية والمساحة كانتا مختلفتين. كما أنّ اللوحات التي تختارين تعليقها معها ستجعلك تلقائيّاً تلاحظين سمات معيّنة لما رأيتها لو عرضتها مع مجموعة مختلفة من اللوحات. وصحيح أنّنا نراها جميلة بشكل فريد من تلقاء نفسها، ولكن عند وضعها مع أعمال فنيّة أخرى، ستلاحظين كيف أنّها تكمّل بعضها البعض وتبدّل المساحة الموضوعة فيها بالكامل.
اقرئي أيضاً: At Home مع Sherine Geagea









