Nadine Ghosn: أحبّ ابتكار قطع فنيّة جميلة ترتقي بأمور معيّنة تحرّك عواطفنا

هي من أصل لبنانيّ برازيليّ، وُلدت في الولايات المتّحدة وتنقّلت في خلال حياتها بين ثلاث قارّات: أميركا وآسيا وأوروبا. إنّها Nadine Ghosn التي تتأقلم مع كلّ مكان، إنّما لا تنتمي إلى أيّ مكان! في حين أنّ نهج الحياة هذا، سنح لمصمّمة المجوهرات الموهوبة أن تكون منفتحة تماماً على مختلف السلوكيّات وأن تطوّر منظوراً فريداً لشتّى الأغراض والأساليب وقواعد السلوك. من هامبرغر إلى بطاريّة أم قلم رصاص أم مسطرة، لا تنفّك المصمّمة الشابة عن تحويل الأغراض اليوميّة إلى مجوهرات عصريّة يمكن التزيّن بها... ونلاحظ أنّ تصاميمها التي لاقت رواجاً كبيراً بين المشاهير تسلّط الضوء على الأغراض البسيطة التي عادةً ما نغضّ الطرف عنها، إنّما نفهمها ونقدّرها من خلال مختلف الثقافات والأجيال. وفي ما يلي، سألنا Ghosn عن حبّها لصنع المجوهرات، وحرفيّتها في الإبداع وطبعاً عن نجاحها!

درستِ الفنّ والاقتصاد في جامعة ستانفورد وعملت مستشارة لصالح مجموعة بوسطن الاستشاريّة لمدّة عامين. فما الذي ولّد حبّ تصميم المجوهرات في نفسك ومتى اتّخذت قرارك الجذريّ بأن تصبحي مصمّمة مجوهرات؟
بعد مجموعة بوسطن الاستشاريّة، عملتُ مع Hermès على برنامج تناوب، يمتدّ على سنتين، سمح لي بالتنقّل بين قطاعات مختلفة منها المجوهرات. والحقيقة أنّني شغوفة بالمجوهرات منذ الصغر، لذا لم أعشق الوقت الذي قضيته في ذاك القسم فحسب، إنّما رصدت فرصة في السوق لتصاميم أكثر تنوّعاً. إذ تركّز معظم شركات المجوهرات على التصاميم التقليديّة، في الوقت الذي أردتُ فيه أن أرى ابتكارات جديدة وفريدة من نوعها. وأتَتني الفرصة فيما كنت أتفاوض بشأن خطوتي التالية داخل الشركة، إذ صادفتُ جهة مصنّعة تعاني مشاكل في بيروت. فتوافقنا على أن تقدّم لي التوجيه مقابل أن أحرّك أعمالها، في محاولة للحفاظ على عقود من المواهب والحرفيّين في ورشة عمل تواجه صعوبات.  

بهدف تحقيق النجاح، على المرء أن يُحبّ ما يفعله. فما أكثر ما تحبّين فعله من بين مهام حياتك المهنيّة اليوميّة؟
أكثر ما أحبّ في عملي هو ابتكار مجموعة جديدة وإطلاق العنان لكلّ الأفكار التي من شأنها أن تساعد على ابتكار هذه التصاميم وتعزيز قيمتها من حيث طريقة تقديمها والتجربة التي تمنحها لمَن سيحصل عليها. إذ إنّني أحبّ أن أسرد القصص من خلال تصاميمي، بغية إفراح كلّ مَن يبدي رغبة في الإصغاء. وأكثر ما يسعدني هو رؤية النساء يرتدينَ تصاميمي ويدمجنَها في حياتهنَّ اليوميّة فينسبنَ دلالة خاصّة لها.

نراكِ تحوّلين الأغراض اليوميّة إلى مجوهرات عصريّة يمكن ارتداؤها. وتستلهمين من مصادر غير شائعة بين صفوف مصمّمي المجوهرات الاعتياديّين. فكيف تفسّرين ذلك وما الذي يفصحه هذا الأمر عن شخصيّتك؟
إنّني من أشدّ المؤمنين بجمال البساطة، حتّى أنّني أعتقد بإمكانيّة توحيد مجمل الأفكار المعقّدة في فكرة بسيطة واحدة عادةً ما نأتي على ذكرها مرّات عدّة. ومن أكثر ما أحبّ في الأغراض اليوميّة أنّ معظمنا يصادفها في نهاره، إلّا أنّ كلّ منّا يرى فيها معنى مختلفاً. لذا، من المهم جدّاً الارتقاء بهذه الأغراض التي تشكّل جزءًا من حياتنا اليوميّة وتحمل معانٍ مختلفة عن وقتنا. فلطالما اعتبرت المجوهرات علامة على الوقت وكشفت في الكثير من الأحيان عن الحضارات والأزمنة التي تمّ ابتكارها فيها. والحقيقة أنّني عندما أنشأت شركتي، لم أملك خطة محدّدة، لا بل اخترت عدم مقارنة تصاميمي مع تصاميم أيّ شخص. بحيث أردت أن أبتكر ما يعكس تصوّري وأسلوبي الشخصيّ، وأدركت في صميمي أنّه عليّ أن أعكس شخصيّتي وأفكاري وتجاهل معايير هذه الصناعة والممارسات الشائعة فيها إذا ما أردت إنشاء علامة تجاريّة ناجحة. من هنا، قرّرت أن أفكّر خارج المألوف ثمّ رؤية ما يحدث. وبكلّ صراحة، أعتبر أنّ المجاملة الكبرى التي يمكن أن يقدمّها أيّ شخص هي عندما يقول إنّه يحبّ علامتي لأنّها تشبهني كثيراً، فهذا يعني أنّني فرضت وجهة نظري بنجاح، وآمل أن أنشئ عالماً يعيد تقديم المرح والألوان والتناغم والرغبات الطفوليّة للبالغين في كلّ مكان. والحال أنّني أحترم من يحبّ تصاميمي ومن يكرهها على حدّ سواء، غير أنّ معظم الناس يقومون بردود فعل عليها. فإذا نجحت في رسم ابتسامة على وجهك، أو دفعتك إلى ارتداء قطعة تطلق الأحاديث، فإنّ علامتي NGFJ قد حقّقت هدفها في كلتي الحالتين.

منذ أن أطلقتِ علامتك التجاريّة في العام 2016، انطلق معها منظور جديد حول رمزيّة تفاصيل المجوهرات. فكيف تصفين حبّك للإبداع والابتكار؟
فلسفتي مع شركائي واضحة المعالم حتّى أقصى الحدود، فجلّ ما يهمّني الإبداع والأمانة والجودة، وتحظى هذه القيم بالأولويّة بالنسبة إليّ وأجدها راسخة جدّاً. هذا وأحبّ الإتيان بأفكار ومفاهيم ومقاربات جديدة مع الأصدقاء ومن خلال الانطباعات الثقافيّة، ولا جدال في مدى تأثير هذه التجارب في الاتجاه الإبداعيّ للشركة. إنّما أعتبر حبّي للإبداع غاية في البساطة، بحيث لم أتطابق يوماً مع المعتاد. فعلى سبيل المثال، صحيح أنّني لبنانيّة برازيليّة، لكنّي لم أعش قطّ في أيّ من البلدين ولا أتحدّث أيّاً من اللغتين بطلاقة. فالواقع أنّني أمضيت معظم طفولتي في اليابان، لكنّني لم أتأقلم مع تلك البلاد أيضاً. ثمّ عشت في فرنسا والولايات المتّحدة وتحديداً في نيويورك وكاليفورنيا. أنا أتأقلم مع كلّ مكان، إنّما لا أنتمي إلى أيّ مكان. كلّ مكان صقل سمة ما في ذاتي وأثّر في وجهة نظري وحثّني على التفكير ضمن نطاق أوسع، لكن ما من دولة أو تجربة أو ثقافة واحدة تُحدّد هويّتي. وأعتقد أنّ "عدم التطابق" يمتدّ حتّى علامتي التجاريّة أيضاً. إذ أرى الأمور من منظور مختلف وأحبّ ابتكار قطع فنيّة جميلة ترتقي بأشياء تحرّك عواطفنا.

إلى أيّ امرأة تهدفين أن تصلي بتصاميمكِ الجريئة والمرحة؟
أحبُّ الوصول إلى مجموعة من النساء، من الأمّ الممتعة إلى الفتاة التي تشتري قطعتها الأولى من المجوهرات. حتّى أنّه يسرّني مساعدة الزوج على اختيار هديّة لزوجته من خلال تصاميمي. بحيث أرى المستهلكة على أنّها امرأة تقدّر الأفكار والابتكارات الخارجة عن المألوف وتحبّ الدقة في العمل. وأراها تارةً خبيرة في المجوهرات، وتارةً ما تتراءى لي زبونة جديدة على عالم المجوهرات. فأعمار زبوناتي تتراوح بين 16 و78 عاماً، ولستُ أمزح لا بل أحبّ هذا الأمر كثيراً. وأؤمن بأنّه ما مِن معيار ديموغرافي محدّد يصف النساء اللواتي قد يشترين تصاميمي.

برأيكِ، ما أكثر ما تحبّه النساء والمشاهير في تصاميمكِ؟
لربّما يحبّون أنّها مختلفة ومرحة. وشخصيّاً، أعتقد أنّ المشاهير يقدّرون الصعوبة التي ينطوي عليها تصميم المجوهرات اليوم، ويدعمون أولئك الذين ينفردون بنظرة فريدة.

سبق أن صمّمتِ مجموعات كثيرة. أيّها المفضّلة لديك ولماذا؟
يمكنني القول إنّ مجموعتي المفضّلة ستبقى دوماً مجموعتي الأولى، بحيث أتذكّر الضعف والخوف اللذان سيطرا عليّ لابتكاري تصاميم أدخل فيها إلى صناعة لم أكن أعرف عنها شيئاً ولم أملك أيّ خلفيّة فيها. وأجد أنّ خاتم الهامبرغر إحدى القطع الرمزيّة الخاصّة بي، لا سيّما وأكمام الأزرار التي تحاكي السمّاعات. وأحرص دوماً على أن تكون مجموعاتي جليّة للذين هم على دراية بعلامتي، إذ أريد أن تعكس ابتكاراتي شخصيّتي المرحة وآمل أن تفي تصاميمي المقبلة بهذا الغرض.

ما قصّة خاتم الهامبرغر الذي لاقى رواجاً واسعاً؟
عندما شرعتُ في صنع المجوهرات، أردت الحرص على أن تكون قطعي قابلة للارتداء بطرق مختلفة وقابلة للتخصيص وكذلك عابرة للأزمان. من هنا، اخترت العمل مع الأحجار الكريمة والذهب بعيار 18 قيراطاً. إذ لطالما أحببت أنّ المجوهرات منتج يحمل قيمة عاطفيّة غالباً ما تتناقلها الأجيال. ويمثّل خاتم الهامبرغر القطعة الأولى التي ابتكرتها، بحيث أتيت بأفكار مجموعتي الأولى بين ليلة وضحاها وسرعان ما وثّقتها برسوم على الورق. وأتذكّر أنّنا تحدّثنا عن الطعام وعن أنّه سبق للجميع أن تناولوا الهامبرغر، إنّما لكلّ شخص تفضيلاته الخاصّة. وفي صباح ذلك اليوم، حضرت إلى الجهة المصنّعة التي أتعامل معها في لبنان وقلت لها "اليوم سنصنع برغر"، فضحك المصنّعون جميعهم. ثمّ رسمنا معاً التصميم الذي أردت، إنّما أخبروني أنّه سيكون من المستحيل ابتكار الخواتم يدويّاً لأنّها ستتكدّس معاً حالما تمرّ بمراحل الإنتاج. غير أنّهم كانوا يعرفون في تلك المرحلة أنّني لا أقبل الرفض. لذا رحنا نفكّر مليّاً، وسعينا للاستفادة من سنواتهم الطويلة في صنع المجوهرات وتقنيّاتهم للتوصل إلى نهج في ما يتعلّق بالتصنيع. وبعد أسبوعين من العمل، أتينا بخاتم البرغر المبتكر ليس من حيث التصميم فحسب، إنّما من حيث التقنيّة. وأعتقد أنّ ذاك التصميم كان أوّل انتصار لنا معاً لأنّه ذكّر الحرفيّين بمهاراتهم أيضاً. وحالما بدأ في اكتساب الرواج، شعر كلّ فرد منهم بأنّ له حصّة متساوية في قصّة نجاح هذا الابتكار.

ما المهارات الرياديّة التي اكتسبتها من والدكِ رجل الأعمال الدولي Carlos Ghosn، وما أهمّ نصيحة شاركها معك عندما بدأت عملك التجاريّ؟
والدي جريء جدّاً وأراه رجلاً شجاعاً وفاعلاً، فإنّه قياديّ بالفطرة. ونظراً إلى أنّني نشأتُ مع شخص مثله لأحتذي به، سرعان ما تعلّمت كيف أكون مستقلّة وكيف يمكنني تحدّي نفسي والتحرّر ممّا يقيّدني بشكل منتظم. ودائماً ما دعمنا والدي في فعل ما نريد بشرط أن نصبح الأفضل في ما نقوم به. وأعتزّ بأنّ الانضباط والتركيز والروح القياديّة من المكوّنات الرئيسة التي شبّعنا والدي بها.

تحلم جميع الشابّات بتحقيق قصّة نجاحهنَّ الخاصّة. أنت ألّفتِ كتاب نجاحك في سنّ مبكرة وما زلت تضيفين فصولاً جديدة إليه. فما الذي جعل حبّك للنجاح حقيقة وهل من وصفة يمكنك مشاركتها مع سائر الشابات؟
أشعر بأنّني محظوظة جداً لأنني بنيت شيئاً من العدم. ولطالما كان دافعي أن أشارك قصّتي يوماً ما مع ابنتي وأن أخبرها بقناعة وصدق أنّه بإمكانها النجاح. وأعتقد فعلاً أنّ NGFJ أشبه بقصّة سندريلا، إذ لم أتسلّح بأيّ خلفيّة أو جهات اتّصال، وامتلكت دعماً محدوداً من زملائي، لكن مع بعض الحظّ والعمل والعزم اكتسبَت علامتي زخماً. وتبيّن أنّ تصاميمي التي اعتقدتُ أنّها عاديّة والتي شعرتُ بالسعادة لبيع قطعة واحدة منها في السنة؛ قد ولّدت حركة جديدة في صناعة مبنيّة على المدارس القديمة، فحوّلت التصاميم الجامدة والتقليديّة إلى قطع أكثر عصريّة وجرأة. لذا السرّ غاية في البساطة، إنّما لن ينجح دائماً. لذا، أنصح كلّ شابة أن تفعل ما تحبّ وتتعلّم من أخطائها، وقبل كلّ شيء، تحرص على وجود فريق دعم عاطفيّ قويّ، وتحيط نفسها بالأشخاص الذين يؤمنون بها ويساعدونها على تحقيق رؤيتها، فهذا عنصر غاية في الضرورة لا يسعها بدونه أن تتخطّى مرحلة الشركات الناشئة. 

اكتب الكلمات الرئيسية في البحث