وقتُك رأسمالك الأثمن، فكيف تستغلّينه؟

التصوير: Maximilian Gower
الإدارة الفنيّة: Sarah Rasheed

إدارة الوقت هي في المقام الأوّل فنّ إدارة الذات

هي من هاويات الفنّ والثقافة ومن عاشقات الموضة ومن مُحبّات الصحّة واللياقة البدنيّة ومن الشغوفات بالسفر واكتشاف الحضارات المختلفة. تبدأ منى محمد بن كلي يومَها مع ابنتها، وبما أنّها بصدد بدء مشروعها الخاصّ اليوم حيث ستُطبّق ما تعلّمته من تجارب ناجحة في سنوات عملها، فهي تُحاول في خلال النهار استثمارَ وقتها في وضع خطط العمل والاجتماع بالمعنيّين قبل أن تُخصّص وقتها من جديد أثناء الليل لعائلتها. قضينا يوماً كاملاً مع هذه المرأة الإماراتيّة المميّزة لنكتشف كيف تتمكّن من تنظيم وقتها وسألناها عن مفهومها للوقت وعن تطوّر هذا التصوّر مع التحديات التي واجهتها في خلال مسيرتها وكيف تُحقّق التوازن بين العمل والحياة الشخصيّة. فانضمّي إلينا في ما يلي لتتعرّفي عن كثب إلى منى محمد بن كلي وعلى كيفيّة إدارتها لوقتها.

نظراً إلى أنّك من هواة الفنّ، كيف ترين مشهد الفنّ والثقافة في منطقة الخليج حاليّاً؟ وما دور النساء في هذا التطوّر؟

أعتبرُ الفنّ لغة تقارب بين الشعوب. فمن خلاله، تمتدّ جسور التواصل والتقارب والتعارف بين الثقافات عن طريق العمل والإبداع الإنسانيّ. ولم تَعُد حركة النهضة التي تشهدها الحركة الثقافيّة الخليجيّة Cultural Movement خافيةً، خصوصاً في دولة الإمارات العربيّة المتّحدة التي تتمتّع بزخمٍ دائم شبه يوميّ في الحراك الفنيّ والثقافيّ. فمنذ قيام الدولة، نبع هذا الزخم من رؤى قياديّة واضحة مع المؤسّس الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان رحمه الله، الذي كان شاعراً داعماً للشعر في وقت مبكر. ومن هنا، بدأت مسيرة الفنّ التي لم تنقطع منذ آنذاك حتّى أصبح لدولة الإمارات مكانةً استثنائيّة في مجال الفنون والثقافة اليوم. فتمثّل الحياة الثقافيّة مرآة المجتمع ومستوى رقيّه الفكريّ والحضاريّ، لذلك تُشكّل مشاركة الفنّانات العربيّات عموماً، لا سيّما في منطقة الخليج جزءاً أساسيّاً من نهضة الساحة الفنيّة للمنطقة ككلّ.

كيف تتجلّى ثقافة الخليج في حياتكِ اليوميّة؟ وما دور المرأة في الترويج لهذه الثقافة وإظهار أفضل ما فيها؟

تتوارث العادات والتقاليد من جيل إلى آخر، وقد ترسّخت في قيَم حياتنا اليوميّة. فعلى الرغم من التطوّر الذي نعيشه، إلاّ أنّها قواعد وسلوكيّات اعتدناها واحترمناها وحافظنا عليها، كالحفاظ على هويّتنا الوطنيّة وثقافتنا وقيَمنا الأصيلة التي تربيّنا عليها، وهذا ما آمل أن أزرعه في ابنتي وأبنائي في المستقبل كوني امرأة وأمّ.

أنت اليوم امرأة ناجحة كثيرة الانشغال. فهلّا أخبرتنا كيف تقضين يومك؟

أبدأ يومي مع ابنتي، وفي الواقع قد يكون معظم وقتي معها، وبما أنّني بصدد بدأ مشروعي الخاصّ، أحاول أن أستثمر وقتي لوضع خطّة العمل والاجتماع مع المعنيّين. كذلك، أحبّ الرياضة وأمارسها منذ ما لا يقلّ عن العشر سنوات، ولا بدَّ من أن أخصّص ساعة على الأقلّ من يومي لممارسة الرياضة. وفي المساء، يكون وقتي مع العائلة وأحاول أن أخصّص بعض الوقت ولو لدقائق بسيطة لتمارين التأمّل والجلوس بهدوء قبل الخلود إلى النوم.

من أيّ منظور ترَين الوقت؟ وكيف تبدّل هذا التصوّر عقب ما واجهتِه من تحديّات طوال حياتك المهنيّة؟

الوقت هو ما لا نستطيع أن نشتريه أو نبيعه أو أن نتقاسمه مع الآخرين أو نأخذه منهم أو نحصل على المزيد أو القليل منه. ولكلّ واحد منّا القدر نفسه من الوقت في كلّ يوم، وهو 24 ساعة. إلّا أنّ الأمر الذي يصنع كلّ الفارق بيننا جميعاً هو كيفيّة إدارته. فتُعتبَر القدرة على تنظيم الوقت إحدى السمات الأهمّ لدى الإنسان الناجح، فلا يضيّع وقته في إعداد القوائم والجداول لمحاولة تنظيم هذه الساعات، إنّما يحرص على تنظيم نفسه من خلال تنظيم أولويّاته، ومن هنا يُحدث الفارق. فإدارة الوقت هي في المقام الأوّل فنّ إدارة الذات.

باعتباركِ من عشّاق الموضة، أيّ حقبات تاريخيّة تلهمك بأزيائها؟

أحبُّ الموضة منذ صغري، بدءاً من خزانة أمي. إذ تربيّتُ في منزل أمّ تحبّ الموضة وتتحلّى بذوق استثنائيّ، فكنت أراقب إطلالاتها وأزياءها وأنتظرها لتخرج من المنزل لأدخل غرفتها خلسةً وأجرّب ما في خزانتها الأنيقة. فبدأت منذ الصغر الاهتمام بمتابعة الموضة وقراءة المجلّات المتخصّصة بالموضة، في وقت غياب وسائل «التواصل الاجتماعيّ» والإنترنت آنذاك. وأحبُّ موضة الخمسينات حيث انتشرت دور الأزياء العالميّة مثل Dior وCoco Chanel وValentino. وأصبحت الموضة تحمل أكثر من طابع. لكن عالم الأزياء متجدّد وأحبّه بكلّ أزمنته والأهمّ هو اختيار الموضة المناسبة وأن يكون الشخص أنيقاً ومميّزاً وليس نسخة مكرّرة في اتّباع كلّ ما يراه من صيحات خاصّة على صفحات مواقع التواصل الاجتماعيّ، وهنا يكمن بالنسبة إليّ التحدي الأكبر.

من المعروف أنّك تسافرين كثيراً. فكيف تسهم رحلاتكِ في مدّ حياتكِ بالإلهام؟ وما هي وجهتكِ الفضلى حتّى الآن؟

يستهويني السفر وأحرص على زيارة بلد جديد لم أزره مسبقاً على الأقلّ مرّة في السنة، إذ إنّني أحبّ الاطّلاع على شعوب وثقافات جديدة واكتشاف حضارات مختلفة. فلديّ حبّ وفضول للتّعلم، وهذا ما يُلهمني. غير أنّ الدولة التي زرتها الأكثر وبشكل منتظم منذ الصغر هي بريطانيا، لندن بصورة خاصّة. وحتّى الآن، أعتبر نفسي في طوراكتشافها وبالأخصّ المدن البريطانية الأخرى. كذلك، أحبّ السفر إلى الولايات المتّحدة الأمريكيّة كثيراً، وكنت على وشك الدراسة في إحدى ولاياتها، ومن المدن الفضلى لديّ أذكر مدينتَي نيويورك ولوس أنجلوس. لكن للندن مكانة خاصّة في قلبي.

بما أنّكِ من محبّات الصحّة واللياقة البدنيّة، هل تتّبعين حميَة محدّدة؟ وهلّا شاركتِنا بروتين لياقتك اليوميّ؟

أحبُّ ممارسة الرياضة بكافّة أشكالها، كاليوغا والبيلاتس وتمارين اللياقة البدنيّة المعروفة بالـcross-fit ولم أتوقّف عن ممارستها منذ لا يقلّ عن العشر سنوات، فأصبحت جزءاً مهمّاً وأساسيّاً من روتيني اليوميّ. ولا أتّبع أيّ حمية غذائيّة في حياتي اليوميّة لكن بطبيعتي أفضّل الأكل الصحيّ وأحاول دائماً اختيار نظام غذائيّ صحيّ ومتكامل.

كيف تنظّمين وقتك بحكمة بين مهامك المهنيّة والعائليّة؟ وكيف تنجَحين في تحديد أولويّاتك من حيث الوقت؟

من الضروريّ تحقيق التوازن بين العمل والحياة الشخصيّة، وهذا ليس بالأمر السهل. ودفعني هذا الأمر لتقديم استقالتي من وظيفتي السابقة منذ عامين، وبالتحديد قبل زواجي بشهر. وكان ذلك أحد أصعب القرارات التي اتّخذتها، إذ كنتُ شغوفة جدّاً بعملي غير أنّه كان القرار الأكثر حكمةً والأنسب بحُكم سفر زوجي المستمرّ وعدم استقرارنا في دبي. والآن، بعد أن أُرزقت بابنتي "الدانة" التي أكملت عامها الأوّل، أستطيع القول إنّني جاهزة للبدأ بتطبيق ما تعلّمته من تجارب ناجحة في سنوات عملي والبدأ بمشروعي الخاصّ. فباختصار، أعتقد أنّ تحديد الأولويّات يُعَدّ الخطوة الأكثر أهميّةً في تحقيق التوازن المناسب ما بين العمل والحياة العائليّة والشخصيّة.

إذا سنحت لكِ الفرصة لتُسدي نفسكِ المستقبليّة أيّ نصيحة، ماذا ستكون؟

سأقول الأمرعينه لنفسي اليوم أيضاً: "مهما اخترتِ أن تفعلي اليوم، تذكّري أن تفعلي ما قد تشكرك عليه نفسك في المستقبل".‎

 لو استطعت العودة بالزمن وإجراء تغيير واحد في حياتك، ما هو نوع التغيير الذي قد تُجريه؟

لا أعتقد أنّ ثمّة ما أودّ تغييره في حياتي، حتّى وإن استطعتُ فعلًا العودة بالزمن. فإنّني قنوعة وفخورة وممتنّة لكلّ ما أنا عليه اليوم.

نعيش في عصرنا هذا في سباق مع الوقت، خصوصاً حينما يكون لدينا طموحات كبيرة. فهلّا أطلعتنا على خططكِ المستقبليّة، وعلى المهل الزمنيّة التي حدّدتها لها؟ وكيف تتطلّعين إلى تحقيق هذه الطموحات؟

بالفعل، إنّنا نعيش في عالم السرعة لكن للإجابة باختصار على هذا السؤال، ثمّة مثل أحبّ أن أقتبس منه: ‏"لتكون ناجحاً في حياتك، ارفع سقف طموحاتك قدر المستطاع، واخفض سقف توقّعاتك إلى أقلّ ما أمكنك."

اقرئي أيضاً: 4 عربيّات لمع إسمهنّ في التّغطيات السياسيّة

اكتب الكلمات الرئيسية في البحث