نجود العنبري: تشكل رؤية 2030 محفزا للابداع في المشهد الفني الثقافي في المملكة

وُلدت نجود العنبري ونشأت في الرياض، المملكة العربيّة السعوديّة، وهي مهندسة معماريّة انضمّت إلى هيئة تطوير بوابة الدرعية حيث تستخدم مهاراتها للمساعدة في الحفاظ على التراث والتاريخ العريق في المنطقة. تشاركنا في ما يلي المزيد عن عملها في الدرعية وعن نظرتها للمشهد الفنيّ الثقافيّ السعوديّ بشكل عام.

اقرئي أيضاً: Shoug Al-Nafisi: "ستكون دائماً أعظم إنجازاتك نوعاً من الخدمة"

  • هلّا تخبرينا عن دورك كأخصائية أبحاث التراث ومراقبته في هيئة تطوير بوابة الدرعية في يونيو؟ ما هي جوانب العمل التي تستمتعين بها أكثر من غيرها؟

انضممت إلى هيئة تطوير بوابة الدرعية قبل ثلاث سنوات كمهندسة صيانة وعملت فوراً في الموقع كواحدة من فريق إدارة التراث التابع لهيئة تطوير بوابة الدرعية الذي يعمل في وادي حنيفة. أنا أعتبر نفسي طالبة الطبيعة بالإضافة إلى مهندسة معماريّة في مجال الصيانة. يعتبر الابتكار أداة مهمة لممارسة الواقع وللنظر في الملموس وغير الملموس. وفي عملي، أنا أستخدم معرفتي بالجوانب الفلسفية والتقنية للتفاعل مع الآثار، من أجل إعادة تأثير الزمن إلى الوراء وإعادة البناء إلى ما كان عليه وإلى المكان الذي تواجد فيه في الأصل. هذا لا يعني إعادة الشكل فقط بل جوهر الموقع، مع مراعاة أصالة أعمال الصيانة.

فتتمثل مهمّة المؤرخ والمرمّم في الصيانة أولاً في تحديد الأهمية المادية للمشروع، ثمّ الحفاظ على الموجودات بطريقة لا تضعف أصالتها. يجب أولاً أن نقدّر القيمة التاريخية، من خلال الحفاظ على المظهر الأصلي للنصب التاريخيّ. وثانياً، يجب تتبع آثار العمر وتحديدها. يعد التدهور أداة مهمة لرسم مخطط غرض أو أصل ما. وبعد ذلك، يجب أن يكون أي عمل تجديد أو استبدال متوافقاً مع القديم فيندمج معه. تضمن هذه العملية استمرارية الأثر التاريخيّ نفسه وتسمح باستخدامه المتواصل. وهذا هو الجزء الذي أجده أكثر إرضاءً. فنحن نأخذ لحظات تاريخيّة وقطع أثريّة دقيقة وثمينة جداً ونسمح للجميع باختبار كلّ الروائع التي تقدّمها اليوم.

  • كيف وجدت العمل في مثل هذا الموقع للتراث الثقافي؟

العلاقة بين الإنسان والطبيعة هي مفتاح الانتماء البشري. تقع الدرعية في وادي حنيفة في منطقة نجد، الرياض، في وسط المملكة العربية السعودية. يمتد الوادي على طول 120 كيلومتراً من الشمال الغربيّ إلى الجنوب الشرقيّ، مروراً بمدينة الرياض، عاصمة المملكة العربية السعودية والدرعية التي كانت أول عاصمة للمملكة العربية السعودية وأساس الدولة السعودية. بالنسبة إليّ، إنه لشرف لي أن تتاح لي الفرصة لاستخدام مهاراتي للمساعدة في الحفاظ على هذا التاريخ في الدرعية.

والعمل مع مثل هذا التاريخ الغنيّ هو دائماً رحلة. نبدأ بنهج فلسفيّ وتقنيّ، مع الصيانة ولكن ليس بالاستعادة، للحفاظ على رحلة الموقع. بعد ذلك، تصبح كل خطوة أعمق وأعمق؛ فنقوم أولاً بالتعزيز بدلاً من الاستعادة، ثم نقوم بالإصلاح بدلاً من التعزيز، وفي النهاية نقوم بالصيانة بدلاً من الإصلاح. أي أنّه يجب أن تبرز الإضافات الجديدة الحالية إلى البناء بطريقة ما وتتميّز عن القديم ولا تنسجم تماماً معه.

تقدّم هذه الرحلة مفهوم التمييز بين القديم والجديد. يجب ألا تبدو أعمال الترميم لدينا مثل الأعمال القديمة، ولكن يجب أن يتم بناؤها بوضوح لإظهار أنها عمل اليوم، فتصبح المرحلة التالية من رحلة هذا الموقع.

ومن خلال عملنا نستنتج أنه مهما كان الأثر الذي تركته البشرية على الأرض، فيُحتمل أن يكون هناك معنى غنيّ يمكن العثور عليه من خلال التجربة الجماليّة والعلميّة. إنه مشروع رائع للعمل عليه ومشاركته مع العالم.

  • ماذا تخبرينا عن المواد المحلية والمستدامة التي تمّ استخدامها في مشاريع البناء؟

العناصر الأساسية هي الطين والحجر وخشب الأثل والنخيل. وأراها مثل بذور الدرعية أو خلاياها، فهي مفتاح هوية المنطقة ونسيجها. لقد ألهمتني الهندسة المعمارية الترابية منذ سنواتي الأولى كمهندسة، وما يذهلني هو أنّه يتمّ استخدام هذه المواد المتواضعة في نماذج هندسيّة مختلفة، بدءاً من المزرعة البسيطة إلى القصور المهيبة. وبالرغم من اعتبارها مواد بناء بسيطة، إلّا أنّها في الواقع معقّدة جداً، ولكن هناك قيمة حقيقية في مصدرها الطبيعيّ، والعمل باستخدام هذه المواد هو فعلاً امتياز. والجانب الآخر الذي يدخل أيضاً في إطار الاستدامة في عملنا هو الاستثمار في شعب الدرعية، من خلال بناء وإشراك المجتمع في الأنشطة، ودعم استمرارية إرثنا المتجذّر. وغالباً ما ألجأ لعلم النفس لوصف عملي. وفي كلّ مرحلة نقوم بإشراك الجمهور حتى يصبح جزءاً من عملنا ومن هذه التجربة في الدرعية. وهذا النوع من المشاركة يحمّسني كمهندسة ويلهمني ويجعل العمل أكثر جدوى.

  • كيف تساهم هيئة تطوير بوابة الدرعية في تعزيز تقدير الفنّ والثقافة وقوّتهما التحويلية؟

هناك الكثير من العادات والتقاليد والقيم الروحية التي تشكلت على مدى قرون في الدرعية وهذا هو المكان الذي تكمن فيه مساهمة هيئة تطوير بوابة الدرعية في الفنون والبرامج الثقافية. إنّه دور مهمّ لحماية أصول التراث الثقافي غير الملموس، سواء كانت الأصول غير المادية أو القصص أو الممارسات أو التمثيلات أو التعبيرات أو المعرفة الموجودة في هذا المكان. يتمثّل عملنا في توثيق الماضي وحفظه وتسليمه إلى الأجيال القادمة، وضمان الاحترام والرعاية بدلاً من فقدان الهوية. هذا مهم جداً لأنه يبني أسس الأجيال القادمة على جذورنا ويحمي معرفتنا المشتركة ويحافظ على ارتباطنا بتاريخنا بطريقة مفيدة وممتعة. وإلّا، مثل منزل من الطين بدون أساسه من الحجر الجيري، فلن تصمد ثقافتنا وتتطوّر مع مرور الوقت.

  • ما رأيك في المشهد الفني الثقافي السعودي؟

نحن السعوديون لدينا تاريخ غنيّ ومتجذّر، لدينا هويتنا وأيديولوجيتنا الخاصة. وتشكّل رؤية 2030 محفّزاً للإبداع في المشهد الفنيّ الثقافيّ في جميع أنحاء المملكة. ما نعيشه الآن هو إعادة إحياء لتراثنا ويتمّ الاحتفال به في ممارسات متعدّدة، بتشجيع من القادة العظماء في هذا البلد الجميل. ويشرّفني أن أكون جزءاً من هذا التطور والتحوّل. نحن نعرض تراثنا المتجذّر ونستخدم أدوات متعدّدة مثل الفنّ للانخراط في ثقافتنا.

والفنّ عفويّ ويرتبط ارتباطاً وثيقاً بالجماعة. إذا فكّرنا في الفنّ كما لو كنّا نراقب الطبيعة، يمكن رؤية تأثير المشهد الفنيّ الثقافيّ لدينا. فالطبيعة لها لغتها وأدواتها الخاصّة لإظهار الجمال، ويأتي معظم هذا الجمال من التحوّل. وتخلق هذه التحوّلات بعض أجمل الأمور الموجودة على الأرض. خذي مثلاً الألماس أو اللؤلؤ أو الكائنات الحية مثل الفراشات، هكذا تتألّق مملكتنا من خلال فنّها. أظنّ أنّنا جميعاً محظوظون لاختبار كلّ ذلك، وأنا سعيدة لكوني جزءاً منه في الدرعية.

اقرئي أيضاً: Tamara Qaddoumi: "استمرّي في التقدّم فالالتزام هو المفتاح"

اكتب الكلمات الرئيسية في البحث