هي ليست مجرد أيقونة موضة، بل مدافعة شغوفة عن حقوق الإنسان والمساواة بين الجنسين والاستدامة البيئية. لقد كانت مسيرها المهنيّة في عالم الأزياء مليئة بالتحديات والانتصارات، وبات صوتها يتردّد أبعد من منصّات العروض العالميّة. لا يقتصر الأمر على الأناقة فحسب، إنّما يرتكز على المضمون المحفّز للأمل والتغيير، وهذا ما تأمل نجمة غلافنا لعدد نوفمبر، عارضة الأزياء والممثلة التونسية عزة سليمان تحقيقه.
التصوير: Rayan Ayash، الإدارة الفنيّة: Lana Qatramiz، التنسيق: Sarah Cazeneuve، الشعر والمكياج: Yulia Pantiukhina
المساعدة في التصوير: Nicolas Sukhoon، الموقع: Boucheron Apartment - Place Vendôme، الإنتاج: Kristine Dolor
المجوهرات كلّها من Boucheron
شكراً لكِ على وجودكِ معنا اليوم. قبل أن نغوص في هذا اللقاء، نود أن نسألكِ، كيف حالكِ؟
شكراً على السؤال، بصراحة، لستُ بحالة جيدة. أشعر بقلق شديد تجاه الأحداث الحزينة في العالم والحروب ووفاة الأبرياء والأطفال. إنها أوقات صعبة وعاطفيّة بالنسبة إلى الكثيرين، وقلبي ينزف تعاطفاً مع المتأثرين بهذه الأحداث المأساوية. ما أتمنّاه هو عالم مليء بالفرح والسكينة والسلام للجميع.
كان من الصعب بالنسبة إليكِ أن تشقّي طريقكِ في صناعة الموضة. عندما تفكرين في كلّ التحديات، ما هي كلمات التشجيع أو التأمل التي تقولينها لنفسكِ؟
عندما أواجه تحديات في صناعة الموضة، أتذكر من أين جئت ولماذا بدأت، وأن الاستمرارية والعاطفة والتعلّم المستمر هي مفاتيح النجاح. أعتقد أن كل عقبة هي فرصة للنمو، وأنه بالعزيمة والصمود، يمكنني تحقيق جميع أهدافي.
شارك الكثير من المشاهير تجاربهم مع القلق والاكتئاب والتحديات الصحية العقلية، وكنتِ واحدة منهم. وتتطلّب مواجهة التمييز والحديث بصراحة شجاعة هائلة. هل اعتبرتِ ذلك فعل شجاعة، أم كان أكثر استجابة للبقاء والمضي قدماً بالنسبة إليكِ؟
بالنسبة إليّ، التحدث عن تجاربي مع القلق والاكتئاب كان مزيجاً من الشجاعة والاستجابة للبقاء والمضي قدماً. فاستغرق الأمر شجاعة لكسر الصمت ومواجهة التمييز، ولكنّه أصبح أداة بقاء حيوية! من خلال مشاركة تجاربي، وجدت الدعم والفهم والمسار نحو الشفاء، ممّا جعلها جزءاً أساسياً من رحلتي نحو التعافي.
"إذا كنتِ تعانين مشاكل في الصحة العقلية، فتذكّري أنكِ لستِ وحدكِ". ما مدى أهمية التحدّث والتعبير عن قلقنا تجاه الآخرين؟ هل تعتقدين أنّ العالم يحتاج إلى المزيد من الرحمة؟
من خلال رحلتي الشخصية، لا أستطيع التأكيد بما فيه الكفاية على أهمية التحدّث عن مشاكل الصحة العقلية. عندما واجهت تحدياتي، كانت معرفتي بأنني لست وحديِ في هذا المسار مصدراً للراحة والقوة! والرحمة هي الجسر الذي يربطنا جميعًا، وقد يرغب الناس في الاستفادة منه أكثر لجعل العالم مكاناً ألطف وأكثر تفهّماً لكل واحد منّا! وأؤمن بأنّنا معاً يمكننا خلق مجتمع يشعر فيه الناس بقدر أقلّ من العزلة وبالمزيد من المحبة.
غالباً ما تنقل منشوراتك شعوراً بالقوة الداخلية الكبيرة. على مقياس يتراوح من1 إلى 10، كيف تقيّمين حالتك النفسيّة الحالية وما الذي يسهم في هذا التقييم؟
هذا سؤال رائع وصعب في الوقت نفسه. أعتقد أنّ حالتي النفسيّة الحالية تُقدَّر بحوالى 6. لقد كانت فعلاً رحلة طويلة! وبينما أحرزت تقدّماً حقيقياً، هناك طبعاً لحظات من الشكّ والتأمّل الذاتي. ولكنّ وجود نظام دعم محبّ إلى جانبي بالإضافة إلى اعتماد مسامحة الذات ومتابعة شغفي هي عوامل ساعدتني على التعامل مع هذه التقلّبات والحفاظ على الشعور بالقوّة الداخلية. ولا ننسى أبداً أنّ الصحة النفسيّة هي رحلة، وأنا ما زلت أعمل عليها كلّ يوم.
هل هناك ما تشعرين أنّك تفتقدينه حالياً من حياتك؟
أشعر أنّ ما أفتقده حالياً في حياتي هو المزيد من الوقت مع عائلتي، وبخاصة مع والدتي... فبسبب مطالب الحياة اليوميّة والسفر الكثير ، يصعب عليّ أحياناً قضاء وقت طويل مع أحبائي كما أريد، لكنّني أقدّر تلك الراوبط بعمق، وأعمل على إعطاء الأولويّة لتلك اللحظات لخلق ذكريات دائمة وتعزيز علاقاتنا، فبالنسبة إليّ، هذا هو الأمر الأهمّ.
بالإضافة إلى العمل كعارضة أزياء وممثّلة، أنت نشطة في مجموعة متنوّعة من قضايا حقوق الإنسان، بما في ذلك حقوق المرأة والمساواة بين الجنسَين. ما التغيير الذي تهدفين إليه، وهل هذا هو المجال الذي ترغبين في ترك بصمتك فيه؟
يأتي التزامي بقضايا حقوق الإنسان، وبشكل خاص حقوق المرأة والمساواة بين الجنسين، من خلال رؤية لعالم تتحقّق فيه الإمكانات الكاملة لكلّ امرأة وفتاة. أسعى لترك أثراً دائماً من خلال المشاركة الفعّالة في الحركة العالميّة من أجل المساواة بين الجنسَين، والعمل نحو مستقبل حيث لا تُحدّد الفرص والحقوق بناءً على الجنس. وأنا سعيدة جداً بكوني سفيرة لمنظمة FIDH (الفدراليّة الدوليّة لحقوق الإنسان) لأنني أعتقد أنه بالتعاون والشراكة يمكننا إحداث تغيير.
أنت أيضاً سفيرة البيئة في تونس وسفيرة لمنظمة No More Plastic. ما هي النصائح التي تقدّمينها لمعجبيك ومتابعيك الذين يرغبون في عيش حياة أكثر استدامة؟
لا شكّ في أنّ عيش حياة أكثر استدامة أمر ضروري، وأنا ممتنّة لأنّني سفيرة لهذه القضايا. نصيحتي لمعجبيّ ومتابعيّ هي أن يبدأوا بأمور صغيرة، ولكن يجب أن يبقوا ملتزمين. فإنّ التغييرات البسيطة، مثل تقليل المواد البلاستيكية ذات الاستخدام الواحد والحفاظ على الطاقة ودعم العلامات التجارية الصديقة للبيئة واستخدام وسائل النقل العامة، يمكن أن تؤثّر بشكل كبير عندما يتم تنفيذها جماعياً. لذا ثقّفوا أنفسكم حول قضايا البيئة، وشاركوا في المبادرات المحليّة، وتذكّروا أنّ كلّ جهد يحسَب. ومعاً، يمكننا حماية كوكبنا للأجيال القادمة.
في رحلتك هذه نحو النجاح، ما هو الشيء الوحيد من ماضيك الذي أنت مصممة على عدم العودة إليه؟
الشيء الوحيد الذي أرفض العودة إليه هو الشكّ بالنفس! كانت هناك لحظات عندما شكّكت في قدراتي وقيمتي، وكبحت هذه الشكوك تقدّمي. أمّا الآن، فأنا ثابتة في إيماني بنفسي وأحلامي، وأرفض أن أسمح لعدم الأمان أو عدم اليقين أو أي شخص بعرقلة طريقي نحو النجاح.
ما هي مصادر سعادتك؟
مصادر سعادتي متنوّعة، ولكنّها تتجذّر أساساً في العلاقات الشخصيّة والعمل الهادف وفرح التعبير عن الذات. ويمنحني أحبّائي وعائلتي وأصدقائي الدفء والدعم في حياتي، كما يوفّر لي عملي في مجموعة متنوّعة من القضايا والأعمال الفنيّة إحساساً عميقاً بالإنجاز. بالإضافة إلى ذلك، تساهم القدرة على التعبير عن نفسي بشكل إبداعي وتحقيق تأثير إيجابي على العالم بشكل كبير في سعادتي.
قدّمت أداءً رائعاً في المسلسل التونسي "براءة" الذي جذب جمهوراً كبيراً العام الماضي. كيف تشعرين تجاه مسيرتك التمثيليّة؟ هل هناك شخصيّة معيّنة تتطلّعين لتجسيدها في الفترة القادمة؟
أنا ممتنّة حقاً للردود الإيجابية على "براءة" ومسيرتي التمثيليّة بشكل عام. إنها رحلة تلهمني وتتحداني باستمرار. وفي الفترة القادمة، أنا متحمسة بشكل خاص لشخصيّة أجسّدها في مشروعي الخاص لفيلمي المقبل. إنها قريبة من قلبي ومستوحاة من تجربة شخصيّة صعبة مررتُ بها، وأنتظر بفارغ الصبر أن أشاركها مع جمهوري. يتيح لي التمثيل مشاركة جزء من قصّتي الشخصية مع العالم واستكشاف جوانب مختلفة من الإنسانية، وهذه الشخصية القادمة فرصة فريدة للقيام بهذا.
كيف تحبّين الاحتفال بنهاية العام وبداية عام جديد؟
أعيش لحظة الانتقال من عام إلى آخر كوقت للتأمّل والاحتفال، وأحبّ أن أقضي اللحظات الأخيرة من العام مع العائلة والأصدقاء. عندما يبدأ العام الجديد، غالباً ما أستقبله بشعور بالامتنان والأمل، وأضع أهدافاً ونوايا شخصيّة.
في الختام، ما الذي تتطلّعين إليه في المستقبل، سواء في حياتك الشخصية أو مسارك المهني؟
بالنظر إلى المستقبل، أشعر بالحماس لفرصة النمو الشخصي وتعزيز الروابط مع الأحباء. وفي مساري المهني، أنتظر بفارغ الصبر مشاركة مشروعي السينمائي القادم وتوسيع جهودي التوعويّة ومواصلة استكشاف التمثيل والعمل كعارضة أزياء. هناك أيضاً مشروع تجاريّ ممتع في طور التحضير، ممّا يضيف المزيد من الفرح والترقّب إلى مساعيّ المستقبلية.