دينا‭ ‬شهابي: يبقى‭ ‬الوطن‭ ‬العربي‭ ‬الأقرب‭ ‬إلى‭ ‬قلبي‬‬‬‬‬‬‬

قميص ورديّ اللون
كنزة من الصوف والترتر
سترة وسروال باللون الكريمي
إكسسوار رأس على شكل وردة باللون الأرجواني
حزام وجزمة من الجلد

التصوير: Amr Ezzeldinn لدى MMG Artists
الإدارة الفنّيّة: Farah Kreidieh‎
التنسيق: Veronica Bergamini
المساعدة في التنسيق: Michaela Isola
الشعر: Angelo Uliana  
خبير المكياج: Fausto Cavaleri لدى MMG Artists
الموقع: The Yard Milano
الإطلالات كلّها من Gucci

في شخصيّتها مزيج من الثقافات، إنّما في داخلها صراع مستمر بين هويّتها السعوديّة الأميركيّة الفلسطينيّة التي تولّد في نفسها نزاعاً داخليّاً يزيدها عزماً وشجاعة لخوض رحلة استكشاف الذات وتحقيقها، فلجأت إلى الرقص والتمثيل والكتابة بفضل دعم والديها المستمّر. آمنت بقدرها وتمسّكت بشغفها الذي استحق العناء. هي الممثلّة الناجحة والطموحة دينا شهابي التي تعتبر أخيراً أنّ الوطن العربيّ هو الأقرب إلى قلبها. فنلتعرّف إليها معاً في هذه المقابلة الحصريّة مع ماري كلير العربيّة ونكشف عن أعمالها الحاليّة ومشاريعها المستقبليّة ودعمها الدائم للنساء العربيّات ومساهمتها في تمكينهنّ.

قميص بأكمام طويلة من قماش لوركس بطبعة الأزهار
تنورة مثنية من الجلد الأحمر
جوارب من الدانتيل

في شخصيّتك مزيج غنيّ من الثقافات السعوديّة والأميركيّة والفلسطينيّة. إين قضيت طفولتك، ومن أيّ جنسيّة وثقافة تعتبرين نفسك؟

عشت طفولتي بين الرياض ودبي وبيروت وكذلك أمضيت العطلات في أوروبا. لذا ضمّت تربيّتي بالفعل ثقافات مختلفة، وكذلك كانت ثقافة والديّ. وأعتبر نفسي مزيجاً منها كلّها، وأشعر بأنّني في وطني في الكثير من الأماكن، إلّا أنّ العلاقة الأعمق فتربطني بالعالم العربي في نهاية المطاف.

هل تواجهين أيّ نزاعات بين كلّ تلك الثقافات المختلفة التي تتعايش في داخلك؟ ما الشخصيّة التي يُخرجها هذا المزيج منك؟

أجل! فأحياناً ما يكون الأمر مربكاً، لا سيّما في سنّ صغيرة. وتارةً ما أشعر بأنّ تفكيري ودوافعي وحدسي في صراع مستمر. إذ ثمة الكثير من السمات التي باتت راسخة فيّ وأراني سائرة في تحدّيها. ففي كلّ مرة أقول إنّ تلك الصراعات ستهدأ في داخلي، غير أنّها لا تخفت قط إنّما تزيدني شجاعة. ولذلك أواصل تحدّي نفسي لأنّ هذا النزاع الداخليّ رحلة أرغب في خوضها واستكشافها، ويبدو لي التمثيل والكتابة والابتكار الوسيلة المثالية لتجسيد صراعي مع هويّتي ونفسي ومع معنى كلّ ذلك، ووسيلة رائعة لأجوب العالم وأتقدّم في السن.

كنزة من الصوف باللون العاجي بتطريز على شكل ميكي ماوس
تنورة مخمليّة ذات طبعات باللون الأسود و البنفسجيّ
حزام ذهبيّ اللون وقفازات بطبعة الأزهار ووشاح حريريّ بطبعات

هل أنت فنّانة بالفطرة أم أنّك أصبحت كذلك؟

لم تعبر ذهني قط فكرة أن أكون ممثلة أو راقصة حتى تسجّلت في صف الرقص الذي تعطيهSharmila Kamte في عمر الـ11 عاماً. لكن لطالما أحببت الأفلام والبرامج التلفزيونيّة، ودائماً ما كان والدي يمازحني قائلاً إنّه لم يرَ مطلقاً أيّ شخص يشاهد التلفاز بهذا القدر من التركيز. وبالفعل أحببت مشاهدة التلفاز لدرجة أنّني لم أكن ألاحظ ما يجري من حولي، إلّا أنّني لم أشعر قط بأنّه من الممكن أن أعمل في هذا المجال، ولم أكن محاطة بأيّ شخص ممثل أو يرغب في أن يصبح كذلك. وبصراحة، كنت خجولة نسبيّاً. لكن ذات ليلة، عدت إلى المنزل بعد صف الرقص، وأخبرت والديّ بأنّني سأصبح راقصة، على الرغم من أنّني لم أكن أجيد الرقص بعد! غير أنّني شعرت بوضوح غريب جعلني أدرك أنّ هذا ما عليّ أن أكونه. فقبل تلك اللحظة، كنت أشعر بأنّني أشغل مساحة صغيرة وبأنّ العالم ضيّق من حولي، وفجأةً وجدت نفسي في مساحة واسعة حينما وطأت غرفة الرقص تلك. إذ اعترتني الحماسة وكأنّني تنفست الصعداء أخيراً، وشعرت بأنّ هذا قدري فعلاً وأنا مؤمنة بأنّه كان كذلك. وما زلت أتذكّر ذاك الشعور بشكل واضح، لأنّ ذاك اليوم غيّر كلّ حياتي. وفي النهاية، كان الرقص ما أدّى بي إلى التمثيل، على الرغم من أنّ شغفي بالأفلام دائماً ما تربّص في داخلي، إلّا أنّ الإثنين يولّدان الشعور عينه في نفسي، والرواية وحدها التي تختلف بينهما.

على أرض الواقع، أنت امرأة غير تقليديّة بفضل خلفيّتك ومسار حياتك المهنيّة. هل تؤمنين بالقدر والحظ أم بالنجاح فقط من خلال الإرادة والتفاني الشخصيّ؟

أؤمن بالإثنين على حدّ سواء. إذ أعتقد أنّ ما أقوم به اليوم في حياتي كان قدري، غير أنّه لا جدال ألّا شيء يحدث بدون العمل بكدّ من أجله. وأعتبر نفسي امرأة مثابرة لا تكلّ، فحتى في صغري لم أفوّت أيّ يوم من الرقص وأخطط لقضاء إجازاتي الصيفيّة بحسب صفوف Sharmila كي لا أفوّت أيّاً منها. وعقب انتقالي إلى نيويورك، دائماً ما كنت أحضر صفوف التمثيل والرقص وأقضي اليوم كلّه في التقدّم إلى مختلف الوظائف. وقدّمت تجارب الأداء في مدارس التمثيل العليا بدون حيازتي شهادة البكالوريوس وتمّ قبولي. فالواقع أنّ هذا شغفي، ولطالما كان كذلك، ورغبتي في هذه المهنة كبيرة لدرجة أنّني لا أتوقف عن العمل إلّا بعد توقف جسدي ومرضي. ولهذا السبب أكتب في الفترات الممتدة بين أدواري التمثيليّة، لأنّني لا أستطيع انتظار أوقات تجارب الأداء. وأعتدّ بأنّ الرقص قد خلق الانضباط والعطش في نفسي ويبدو لي أنّهما في نمو متزايد. ودائماً ما أحتاج إلى إدارة طاقتي لتواكب السرعة التي تتحرك بها الأمور. وأرى أنّ التفاني الشخصي هو السبب الوحيد وراء تحقيقي أيّ نجاح ولا زلت أريد ما يفوق ذلك بأشواط. فالقدر هو ما يدفع المرء بالدرجة الأولى، والعمل الشاق هو ما يجعل من قدره مهنةً.

قميص ورديّ اللون
كنزة من الصوف والترتر
سترة وسروال باللون الكريمي
إكسسوار رأس على شكل وردة باللون الأرجواني
حزام وجزمة من الجلد

نظراً إلى أنّك، بين قوسين، امرأة عربيّة أكثر من أيّ شيء آخر، فقد كسرت الكثير من المحرّمات من خلال حياتك المهنيّة. هل واجهت أيّ مشاكل مع عائلتك أو أصدقائك القدامى في هذا الصدد؟

صحيح أنّني عمدت إلى كسر المحرّمات طوال حياتي. فنظراً إلى أنّني نشأت كراقصة، دائماً ما تلقّى والديّ المكالمات من آباء عرب ومسلمين آخرين لسؤالهما عمّا إذا كان من المقبول إرسال بناتهم إلى الرقص. والواقع أنّني كنت فعلاً الفتاة الوحيدة المنحدرة من عائلة عربيّة في Sharmila حين بدأت أرتاد صفوفها. غير أّنّه ثمة الكثيرات غيري الآن.

وأجد كلمة "المحرّمات" جدليّة بعض الشيء، وهي أمر أفكر فيه مراراً. لأنّ الكثير من الأمور التي قمت بها كانت من المحرّمات، وهذا يعني حرفيّاً أنّ المجتمع يعتقد أنّها أمور لا يجوز فعلها. إلّا أنّها ليست سوى أراضٍ غير مكتشفة تتجاوز حدود ما يعتبره الجميع مسموحاً. وأعتقد أنّ مهمة الفنان تقضي باستكشاف ما لا يستطيع المجتمع القيام به. فالفنّانون في موقع متميّز يسمح لهم باستكشاف كلّ ما يعتبر مجهولاً ومخيفاً وغير مريح، وهذا جزء ممّا يوقد حماستي بشدة في التمثيل. حتى أنّ التمثيل من المحرّمات بطبيعته، لأنّه إذا ما تمت ممارسته بشكل صحيح، يعبر عن الأفكار والعواطف والمشاعر والظروف التي نخشاها جميعاً في حياتنا اليوميّة. وبكلمات أخرى، نحن نُعتبر مرايا للمجتمع وتجلب مهمّتنا الكثير من التضحيّة والشجاعة، وشخصيّاً لا يمكنني الاستخفاف بهذه المسؤوليّة البتة. والمذهل بالنسبة إلى عائلتي أنّها قدّمت الحبّ لي ودعمتني في كلّ خطوة اتّخذتها وحتى في اللحظات الأكثر خوفاً. ولا أنسى كم شعرت بحبّ غير مشروط من الناس الأقرب إليّ، فأنا محظوظة جداً لوجود هذه العائلة وهؤلاء الأصدقاء من حولي. وأعلم أيضاً أنّ ما أقوم به يؤثر على المقرّبين إليّ، ومن هنا عليّ أن أكون قادرة على التمسّك بقراراتي بنزاهة وثقة وإلّا فالأمر لا يستحق العناء. ويجب أن يكون كلّ ما أفعله بمثابة مسعى منّي إلى تحقيق توسّعي وزيادة تعلّمي كفنانة وإنسانة.

كنزة من الصوف باللون العاجي بتطريز على شكل ميكي ماوس
تنورة مخمليّة ذات طبعات باللون الأسود و البنفسجيّ
حزام ذهبيّ اللون وقفازات بطبعة الأزهار ووشاح حريريّ بطبعات

يبدو أنك حظيت بالدعم من والدَيك في أسلوب حياتك ولا سيّما في تطلعاتك وربّما بقدر أكثر بكثير من الفتيات العربيّات عموماً. هل تعتقدين أنّ هذه كانت إضافة بالنسبة إليكِ؟

إنّها إضافة كبيرة حتماً، فلا شكّ أنّني ما كنت لأصل إلى حيث أنا الآن بدون تشجيعهما ودعمهما. فوالديّ ليسا بآباء عاديّين، إنّما لطالما اعتبرت والدتي أهمّ بطلة بالنسبة إليّ ووالدي كذلك لأنّه لم يستمع إلى الأصدقاء الذين نصحوه بردعي، لا بل دافع عنّي وشجعني دائماً. وأعتبر دعم والدي السعوديّ لي لأصبح ممثلة أمراً غاية في الأهميّة. لذا أشعر بأنّني محظوظة جداً وأتمنى أن يلهم دعمه لي الآباء الآخرين على أن يفعلوا الأمر نفسه.

المحرّمات التي كسرتها في سياقٍ ما زالت فيه الكثير من الإصلاحات لصالح المرأة العربيّة طور التقدّم، هل تشعرين وكأنك قائدة رائدة في هذا الاتجاه الحالي؟

آمل قبل كلّ شيء أن ألهم الناس على أن يتبعوا أحلامهم، بغض النظر عمّا هم عليه. وأعتقد أنّ قيامي بما أراه صحيحاً وتشبثي به، لا سيّما من حيث اختياراتي المهنيّة والشخصيّة عميق لدرجة أنّني آمل أن أحثّ الناس على فعل ما هو حقيقي وصحيح بالنسبة إليهم. وإذا كنت قائدة فعلاً بأيّ شكل من الأشكال، فما أريده هو أن أقود الناس وأدفعهم إلى النضال من أجل ما يحبّونه ويؤمنون به والسعي خلفه بدون أيّ أعذار.

اقرئي أيضاً: كنزة الفراتي: الذكاء يغذّي الجمال

اكتب الكلمات الرئيسية في البحث