Nancy Assaad: النساء يتمتّعن بالقدرة على الريادة والمنافسة في مجال التكنولوجيا، وعلى الرجال تقبّل هذا الواقع

بالطبع، تتمتّع النساء بالقدرة على التميّز في مجال التكنولوجيا سواء ارتبط بالعلوم أو بالتسويق أو بالاتصالات. فتكثر النساء العربيّات اللواتي تحديّن الأفكار النمطيّة التي تبعد المرأة عن هذا العالم وتحصرها في مجالات أخرى محدّدة. فأثبتن جدارتهنّ في هذا المجال الذي يسيطر عليه الرجال وأصبحن رائدات فيه.

لطالما كانت نانسي أسعد متعطّشة للفيزياء والعلوم فتخصّصت في هندسة الكومبيوتر، لكنّها عملت في مجال التسويق. واليوم، تدير إحدى الشركات التي تركّز على صناعات التكنولوجيا حيث تجمع بين خلفيّتها في مجال التكنولوجيا واهتمامها بالأمن السيبراني وشغفها به. فتعرّفي معنا في هذه المقابلة إلى الطريقة التي تتّبعها هذه السيّدة اللبنانيّة للريادة في عالم التكنولوجيا، ومحاولتها من خلال وكالتها الخاصّة The Marketing Boutique في دبي في جعل لغة التكنولوجيا متاحة ومفهومة للجميع.

اقرئي أيضاً: Fatima Al Shirawi: آمني بنفسك ودافعي عن مبادئك واعملي بجهد واثبتي أنّك قادرة على التفوّق والبروز

علماً أنّ لديك خلفيّة علميّة، أخبرينا كيف دخلت مجال التسويق؟

حين تخرّجت وأتيتُ إلى دبي في العام 2004، حصلت على وظيفة كمسوّقة مبتدئة في أبرز شركات التكنولوجيا هنا. فقلت حينها في نفسي لم لا أجرّب العمل في هذا المجال ريثما أجد عمل يختصّ بهندسة الكومبيوتر، لكنّني سرعان ما اكتشفت أنّني مهتمّة بمجال التسويق والتحدّث مع الناس والعمل وتحضير الاستراتيجيّات، وأدركت أنّه المكان الذي أودّ أن أتواجد فيه. وحين أسّست شركتي الخاصّة، تمتّعت بحريّة الإبداع واكتشفت شغفي بالابتكار، بالإضافة إلى اهتمامي بالتكنولوجيا. فلا يمكنك أبداً العمل في مجال التسويق من دون التمتّع بخلفيّة التحليل والمنطق اللذين يؤدّيان إلى ابتكار الاستراتيجيّة، ومن دون وجود تلك اللمسة الإبداعيّة الأنثويّة.

تعرّفين عن نفسك بأنّك مغامرة، فما هي المغامرة الأكثر جنوناً التي خضتها؟

لطالما كنت مغامرة تعشق المجازفة. فأنا أحبّ المغامرات والسفر واكتشاف الأمور الجديدة، كما أحبّ أن أتوه من دون أن أعرف الوجهة التي أتوجّه إليها. ففي العام الفائت، خضتُ رحلتي الأولى للـ Hiking في معسكر قاعدة جبل Annapurna في الهيمالايا لمدّة 10 أيام، وبالرغم من أنّني لم أكن مستعدّة بشكل كافٍ لتلك الرحلة، اتّخذت القرار وخضتُ تلك المغامرة من دون ترقّب النتائج. وبالفعل، وشعرت أنّ كلّ يوم بمثابة مغامرة جديدة، وبإصرار شخصي وعزيمة نجحت في بلوغ القمّة. شكّل الأمر تمريناً ذهنياً رائعاً، إذ تمدّك الجبال بسلام داخليّ وتكتشفين من خلالها القوّة التي تملكينها.

ما هي القصة وراء شغفك بالأمن السيبراني، علماً أنّ هذا المجال لا يستقطب الكثير من النساء؟

ينمو مجال الأمن السيبراني بشكل بارز، إذ أنّ كلّ عمل أصبح متّصلاً بالمجال الرقمي. فاليوم، تعتمد معظم اتصالاتنا ومعاملاتنا على الثقة الرقميّة التي تشكّل أساس اقتصادنا الرقمي ومجتمعنا العصري، والتي تعتمد بشكل كبير على الأمن السيبراني لحماية أصولها الرقميّة ومعلوماتها وسمعتها وخصوصيّتها. كذلك، نعمل على مساعدة الأشخاص يوميّاً، سواء كان من خلال إزالة البرامج الخبيثة ومنعها من التعرّض للأصدقاء وأفراد الأسرة على الإنترنت أم من خلال التصدّي لعمليّات الاستغلال ومنع حدوثها في المستقبل. ويساهم الأمن المعلوماتي في جعل التكنولوجيا أكثر أماناً بالنسبة للجميع. فيجمع هذا المجال بين العلوم والهندسة والتكنولوجيا والرياضيّات. كما أنّ حلّ المشاكل والمنطق والقدرة على تحديد الحلول الإبداعيّة لمشاكل التكنولوجيا المتقدمة تمثّل جميعها مهارات استثنائيّة تساعدك على تعزيز حياتك المهنيّة وتنمية مهاراتك.

أخبرينا أكثر عن الخدمات التي تقدّمها The Marketing Boutique

The Marketing Boutique منصّة تسويق يتمّ التعاقد معها خارجياً. ونحن نهتم بخدمات تطوير علامات تجاريّة رئيسة عدّة عبر مساعدة العملاء في التسويق الاستراتيجي عند الطلب. كذلك، نساعدهم على زيادة مبيعاتهم، فنتمكّن في النهاية من جذب من يؤمن بعلاماتهم التجاريّة.
ونحن نعدّ روّاد التسويق على الأرض نسبةً لعملائنا في منطقة الشرق الأوسط، فنؤمّن لهم حلولاً تسويقيّة يوميّة وفعّالة من حيث التكلفة، ونقدم حلولاً مبتكرة تجعل العلامة التجارية فريدة من نوعها ومفهومة أكثر. ونظراً أنّني متمرّسة في مجال التكنولوجيا وتكنولوجيا المعلومات والأمن السيبراني، من الطبيعيّ أن نستهدف زبائن يتمتّعون بخلفيّة تكنولوجيّة. وتعتبر القدرة على فهم التكنولوجيا قيمة مضافة تساعدنا على طرح حملة تقنيّة للغاية وتحويلها إلى نمط حياة وابتكار حملات إبداعيّة تجعل عملائنا يفهمون لغة التكنولوجيا. فمن الطبيعيّ ألاّ يفهم الجميع تلك اللغة، لكنّهم يحاولون التأقلم مع التحوّل الرقمي، لذلك يحتاجون إلى من يبسّط لهم الكلمات التقنيّة ويحوّلها إلى رسالة سهلة ومفهومة.

اقرئي أيضاً: عندما‭ ‬تدرك‭ ‬المرأة‭ ‬قيمتها‭ ‬لن‭ ‬يشكّل‭ ‬الجندر‭ ‬عائقاً أمامها

ما هي التحديّات التي تواجهينها كامرأة وكأم عاملة في هذا المجال؟

يكمن التحدّي الكبير بالفعل في فرض التوازن بين إدارة عملي الخاصّ ودوري كوالدة محاولة أن أوفّق بين هذين العالمين محاولة أن أجعل الوضع مثاليّاً. فمن المعروف أنّ النساء يقمن بمهام متعدّدة، إلاّ أنّني أتساءل أحياناً من أين لي هذه الطاقة كلّها. فبين إدارة شركتي والاهتمام بأطفالي ودروسهم والحرص على حضور نشاطاتهم كلّها، يصبح الأمر مرهقاً في بعض الأحيان، ويتطلّب الكثير من الجهد، إنّما النظام الذي أتبعه منذ سنوات ساعدني على النجاح. فبالرغم من أنّ تأدية تلك المهام كلّها أمر متعب جدّاً، يبقى التنظيم هو الأهمّ. إنّه تحدٍّ كبير، لكنّ الأمر يستحقّ العناء، خاصّة حين يقول لي ابني إنّه يودّ يوماً ما أن ينضمّ إلى فريق The Marketing Boutique. فحين يفتخر بي أطفالي ويتمثّلون بي، أشعر أنّني أقوم بعملي على أكمل وجه. وأتمنّى أن أتمكّن يوماً ما من تحويل هذه الشركة إلى إرث. فلا يمكنك دائماً خلق التوازن بين الحياة الخاصّة والعمل، لا سيّما إن كنت امرأة شغوفة ترغب دائماً في تطوير عملها، لكنّ التحدّث مع أطفالي إلى جانب المساندة التي أحصل عليها من زوجي يشكّلان نظام دعم بالنسبة إليّ.

تعملين في مجال يسيطر عليه الرجال، فكيف تنجحين كامرأة في تأدية دور بارز فيه؟

يحمل العمل في مجال التكنولوجيا تحديّات كثيرة، وتكمن أبرزها في هيمنة الرجال عليه. ولا يتمّ تحفيز البنات على الاهتمام بهذا المجال والانخراط فيه. ولطالما واجهنا مفهوماً خاطئاً مفاده أن النساء لا يتمتّعن بنفس القدرة التقنيّة التي يتمتع بها الرجال. لكنّني أعتقد شخصيّاً أنّه أمرسخيف جدّاً. إذ تملك المرأة قدرة هائلة على التفكير المنطقي، فضلاً عن مهارات اتصال قويّة وقدرة على التعبير بطريقة فعّالة عن المفاهيم المجرّدة. ويخطئ من يظنّ أنّنا لا نستطيع إدارة مجالات يهيمن عليها الرجال، بل يجب عليهم أن يتقبّلوا فكرة أنّ المرأة يمكنها أن تنافسهم وأن تترأس مناصب مهمّة في هذا المجال. كما يتعيّن على النساء تغيير هذا المفهوم الخاطئ في جميع أنحاء العالم. فمن واجبنا رفع الصوت وإيصال قدر الإمكان الصرخة إلى العالم. وأعتقد أنّ الفضول الذي أملكه للتعلّم والشغف الكبير للعمل والقدرة على فهم لغة التكنولوجيا والأمن السيبراني كلّها أمور ساعدتني على التأقلم مع جميع أنواع النقاشات، فضلاً عن إدارة شركة تركّز على مجالات التكنولوجيا.

تعاني نساء كثيرات من المطاردة والتهديد على الإنترنت. ما هي نصيحتك لهؤلاء النساء لحماية أنفسهنّ من التعرّض للمضايقات؟

تتّخذ المطاردة والمضايقة على الإنترنت أشكالاً متعدّدة، بما في ذلك سرقة الهويّة وإرسال التهديدات وإلقاء اتهامات خاطئة حول شخص ما على الإنترنت. وتكمن الحماية الأبرز في منع الملاحقة عبر الإنترنت قبل حدوثها. فلا يمكن لأحد أن يلحق الأذى بسمعتك عبر الإنترنت إذا لم يتمكن من العثور عليك. فمن خلال اتخاذ بعض التدابير المرتبطة بحماية الخصوصيّة، يمكن تقليل فرص التعرّض للمطاردة عبر الإنترنت بشكل كبير. يجب أوّلاً أن تتّبعي الأساسيّات الثلاثة لمنع الملاحقة عبرالإنترنت وهي إزالة المعلومات الشخصيّة من مواقع التواصل الاجتماعي، وتجنّب استخدام الاسم الحقيقي كاسم المستخدم، وعدم إدراج أرقام الهواتف أو العناوين على الشبكة. كذلك، يجب استخدام كلمات مرور فريدة بقدر الإمكان وأسئلة أمان يصعب على أيٍّ كان الإجابة عليها، كما أنّه من المستحسن تغيير كلمات المرور مرّة في السنة على الأقل. ويجب عليك التحقّق من إعدادات الخصوصيّة لمعرفة من يملك حقّ الوصول إلى بياناتك. فكتابة اسمك على غوغل تُعدّ وسيلة فعّالة لمعرفة نوع المعلومات التي يمكنك أن تجديها عن نفسك على الإنترنت. فإن وجدت معلومات لا تريدين أن تظهر، عليك الاتصال بمسؤولي صفحات الويب لتطلبي منهم إزالة المحتوى.

اقرئي أيضاً: عندما‭ ‬تلتقي 8 ‬فنّانات‭ ‬عربيّات‭ ‬متمكّنات‭ ‬في‭ ‬فيلم‭ ‬وثائقيّ‭ ‬واحد Strong‬‬

إنّ الإنترنت اليوم متاح للأطفال في سنّ مبكرة، ما هي نصيحتك للأهل لحماية أطفالهم وضمان سلامتهم؟

الإنترنت ليس آمناً على الإطلاق وعلى الأهل أن يراقبوا أطفالهم لمعرفة مع من يتحدّثون أو يلعبون. يعاني عالميّاً الأطفال الصغار الذين يملكون أجهزة إلكترونيّة من مشكلة التنمّر عبر الإنترنت التي تلاحقهم إلى السرير. ففي الإمارات المتّحدة، يواجه الأطفال الذين بالكاد بلغوا سنّ السادسة مشكلة التنمّر. فحتّى إن كان الطفل يلعب على الإنترنت يمكن تخويفه كونه لا يلعب بشكل جيّد أو يمكن أن يُقال له حتى أنّه غير مرحّب به في المجموعة. أنصح الأهل بتثقيف أطفالهم والتحدّث إليهم وتوعيتهم وتشجيعهم على التحدّث فحسب إلى أشخاص يعرفونهم كالأصدقاء والأقارب وإخبارهم بأنّ لقاء شخص تعرّفوا إليه على الإنترنت أمر خطير للغاية. على الأهل أيضاً أن يحثّوا أطفالهم على إعلامهم في حال تعرّضوا إلى التنمّر على الإنترنت أو في أيّ مكان آخر. كما أنّه لا يجب أبداً على الأطفال أن يملكوا حسابات على مواقع التواصل الاجتماعي بل يجدر بهم أن يلعبوا ويعيشوا عمرهم.

ما هي الخطوات التي يجب اتّخاذها لزيادة عدد النساء في مجال التكنولوجيا؟

إنّه عمل متواصل يجب البدء به في المرحلة الابتدائية أو في مرحلة ما قبل المدرسة حتّى. فلا يمكن رؤية الكثير من النساء في مجال التكنولوجيا، إن لم يتابعن دراساتهنّ في مجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيّات، ولا يمكن رؤية نساء في هذه الاختصاصات إن لم نعمل على ترويج العلوم والتكنولوجيا في مراحل مبكرة من العمر. فمع انضمام المزيد من النساء إلى اختصاصات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيّات والعمل في مجال التكنولوجيا، سيجذبهنّ ذلك المجال أكثر فأكثر. فيتخطّى عدد النساء في هذا المجال اليوم عددهنّ عندما انضممتُ إليه منذ عقدين من الزمن، وأعتقد أن المعلوماتيّة لها علاقة كبيرة بذلك. ونظراً لأنّ النساء يتفاعلن أكثر مع التكنولوجيا، فإنّهن يُبدين اهتماماً أكبر بهذا المجال، ويصبحن أكثر فضولاً ويستثمرن في متابعة المواضيع أكاديميّاً ومهنيّاً. كذلك، من المهمّ أن تساعد النساء نساء أخريات وتحفّزنهنّ على ممارسة مهن تكنولوجيّة. وفي السنوات الأخيرة، رأينا نساء يقمن بأعمال رائعة في مجال التكنولوجيا وأنا على ثقة بأنّ الأمور تجري نحو الأفضل، وستصبح المساواة حقيقة في هذا المجال في العقود المقبلة.

اقرئي أيضاً: لم تعُد خيارات النساء المهنيّة في السعوديّة محدودة