تعرّفي على خلاصة الجزيرة العربيّة

الإعداد: Sarah Rasheed وSenem Yurdukal

إنّه "الذهب السائل"، محبوب الشرق الأوسط وجوهرة جنوب شرق آسيا. إنّنا نتحدّث عن إحدى أكثر الأطياب وقوراً وتبجيلاً على مرّ الأزمان، إنّه العود. يُعرف العود باسم Agarwood بالإنجليزيّة، وبات عبيره الفوّاح يرتبط بصورة مباشرة بتقاليد الجزيرة العربيّة ورقيّها وثقافتها. وبفضل رائحته الخشبيّة التي تحمل الكثير من العمق والمسك والحلاوة والغنى والتي تبرز من خلال البخّور والعطور والزيوت الفضلى لدينا، من السهل القول إنّ العود مكوّن أساسيّ شكّل معالم صناعة العطور عبر التاريخ. ونظراً لندرته وقيمته الثمينة وصعوبة الوصول إليه، يمكن أن يصل سعر زيوت العود الأرقى إلى الخمسين ألف دولار. لكن ما هو العود حقّاً؟ ومن أين أتى في الأصل؟ وكيف أصبح مكوّناً ثميناً إلى هذا الحدّ على مرّ السنين؟

تاريخ العود

بحسب ما تكشفه Arlene López-Sampson في مقالها بعنوان History of Use and Trade of Agarwood، الذي يُترجَم حرفيّاً إلى "تاريخ استخدام العود وتجارته" المنشور في مجلّة Economic Botany في العام 2018، يتّضح أنّ العود أو الـAgarwood سمة بارزة من سمات تاريخنا مع العطور. بحيث ظهر العود في تاريخنا العربيّ منذ العام 1400 قبل العصر الحالي ووُصف على أنّه عطر ومكوّن عطريّ في النصوص السنسكريتيّة التي يعود تأليفها إلى الهند القديمة. وظهر لاحقاً في العام 65 قبل العصر الحالي في تقارير ديوسقوريدس على أنّه يتمتّع بالكثير من الفوائد الطبيّة. وتبرز تسجيلات أخرى له في الصين تعود إلى العام 300 من العصر الحالي تصفه على أنّه تركيبة من صنع الإنسان. إذاً، من الجليّ أنّ العود بنى الأسس لمفهومنا الحاليّ للعطور وشكّل قاعدة للكثير من الروائح على مرّ التاريخ.

من الأخشاب إلى العبق الذي نعشقه

في الواقع، تولد رائحة العود التي غالباً ما ترتبط بالرقيّ والرفاهيّة من عدوى العفن التي تصيب الأشجار، ممّا يتسبّب في إنتاج الشجرة لصمغ عطريّ داكن اللون يهدينا عبير العود الغنيّ. غير أنّ الشجرة التي تصيبها هذه العدوى غاية في الندرة وقيمتها بقدر غنى الرائحة نفسها. وتُعتبر شجرة العود الموجودة في جنوب شرق آسيا المعروفة باسم Aquilaria شجرةً نادرة من الأشجار التي تستخرج منها رائحة العود. ويمكن العثور على هذا النوع من الأشجار في مختلف الأراضي من فيتنام إلى تايلاند وماليزيا وحتّى الهند وإندونيسيا ولاوس. ومع ذلك، لا تدعي تعدّد مواقعها يربكك، فهذا النوع نادر جداً وقد استنفدت مواردها البريّة بشدة عبر الزمن. ففي الواقع، منذ العام 1995 أدرجت أحد أنواع شجرة Aquilaria التي تنتج الـAgarwood أو العود بأغلبه في معاهدة التجارة العالمية لأصناف الحيوان والنبات البري المهدّد بالإنقراض في الملحق رقم 2 منها، ممّا يشير إلى احتمال أن تكون مستنفدة تماماً. ونظراً إلى هذه الندرة وإلى الحماية المطلوبة للأشجار، فإنّ العود نفسه رائحة ثمينة ونادرة في آن معاً، وبالتالي تعتبر إحدى الروائح الأغلى في العالم.

أساس واحد لروائح متعدّدة

عند السعي للحصول على رائحة العود، من المهمّ جدّاً اختيار الرائحة المناسبة لكِ. في حين يُعتبَر العود قاعدة للكثير من العطور المختلفة، فيمنح التركيبات العطريّة المتفاوتة جوهراً مشتركاً غنيّاً بعبير خشبيّ، وكذلك يكمّل المكوّنات الأخرى من خلال تمكين هالاتها الخاصّة. فعلى سبيل المثال، تختلف رائحة العود الممزوجة بنفحات الجلد تمام الاختلاف عن رائحة العود المكمّلة بلمسات من الورد. والملفت أنّ الكثير من علامات العطور مثال Guerlain و Louis Vuitton عملت على تطوير صيغ شرقيّة أساسها العود. ولا يمكننا إلّا أن نذكر Chopard أيضاً التي قدّمت مجموعة كاملة تحمل اسم The Gardens of The Kings ضمّت أربعة عطور مختلفة تمحورت حول العود وتولّى تنسيقها Alberto Morillas، العطّار الرئيس في العلامة التجاريّة. وعن اختياره العود، قال: "حينما شممت رائحة العود الصافي للمرّة الأولى (وهو أجود خلاصات شجرة Aquilaria malaccensis التي وثّق Firmenich استخدامها في صناعة العطور للمرّة الأولى)، لاحظتُ أن رائحته تمثّل أنقى وأرقى أنواع العود التي شممتها قطّ، وشعرت بإحساس غامر بدا وكأنّه دليل على أنّه بإمكاني ابتكار صيغة مميّزة بحقّ مع هذا المكوّن الطبيعيّ غير الاعتياديّ".

ونظراً إلى أنّ Alberto دائماً ما يصبو إلى ابتكار فنّ شميّ تحرّكه العاطفة المطلقة، سافر إلى مدينة سيلهيت البنغلاديشيّة للاحتكاك بمجتمعات العود الصافي. ورمى برحلته هذه إلى التعرّف أكثر على هذه الجوهرة التقليديّة التي تحرّك قلوب كلّ العاملين في Jalali Agarwood، إحدى الشركات العائليّة المنتجة للعود الصافي منذ أكثر من أربعة قرون من الزمن. وها إنّ الجيل السابع منها اليوم لا يزال يلعب دور الملاك الحارس لتلك المعرفة العلمانيّة المكرّسة للتشجير المسؤول. "عند التحدث إلى ممثّلي الأسرة، يظهر جليّاً أنّهم يعتبرون العود مقدّساً ويشعرون بأنّ إدامة تقليد العود في سيلهيت أمر ذو درجة عالية من الاحترام والمسؤوليّة. فالتقنيّة التي يعتمدونها اليوم عبارة عن مجموعة أساليب تمّ تناقلها عبر الزمن من جيل إلى آخر لاستخراج أنقى أنواع الزيت وأغلاها. وتقتصر العمليّة على تقطير الأجزاء السوداء دون سواها من أشجار العود الموجودة في مزارع العائلة مع مراعاة احترام إيقاعات الطبيعة والحفاظ على غابات الغد وإعادة توزيع الثروة في جميع أنحاء مجتمعات العود المحليّة".

في ما يلي بعض الاقتراحات لمختلف أنواع العود لتختاري منها وفقاً إلى تفضيلاتكِ:

العود الكلاسيكي:

Yves Saint Laurent من Supreme Bouquet. هذا العطر من أكثر روائح العود كلاسيكيّةً التي يمكن الحصول عليها. بحيث أنّ عبيره عميق وفوّاح بفضل المزيج المتناغم من المكوّنات المسكيّة والعنبريّة والخشبيّة. من هنا، يُعتبَر هذا العطر مثاليّاً لمن يرغب في اختبار العود بخلاصته النقيّة والغنيّة.

العود المنعش:

Guerlain من Santal Royal. تحتفي مجموعة عطور Absolus d’Orientمن Guerlain، التي يترأسها عطرSantal Royal ، بالذكرى الخامسة لتأسيسها عبر زجاجة Bee Bottle التي أعاد ابتكارها الفنّان Tarek Benaoum. فيقدّم أعمالًا تمزج ما بين الرموز والخطّ المستوحى من الشرق بلمسات حضريّة معاصرة. ويُعبّر عن هذه التأثيرات الانتقائيّة في الخطّ المميّز لإنشاء عمل فنيّ متناغم، جامعاً بين التقليد والحداثة مع تباين من الغموض.

العود برائحة الأزهار:

Giorgio Armani Beauty من Armani Privé Oud Royal. يقدّم هذا العطر نفسه للجندرَين بنسخة أكثر خفّةً من رائحة العود الكلاسيكيّة، بحيث توازِن رائحة الأزهار عمق هذه الخلاصة الشرقيّة، وتكمّل الإثنين روائح العنبر ليجسّد صيغة مثاليّة غنيّة برائحة   العود الكلاسيكيّة التي نحبّها جميعاً.

اقرئي أيضاً: إكتشفي أسرار Laila Abdullah الجماليّة

العلامات: العود Oud

اكتب الكلمات الرئيسية في البحث