ياسمين حمدان: قصّة امرأة لا تعرف الاستسلام

https://vimeo.com/289681017

التصوير: Jeremy Zaessinger

التنسيق: Amine Jreisatti

المكياج: Eny Whitehead

تصفيف الشعر: Quentin Guyens

حوار: Nicolas Azar

أجمل ما فيها أنّها تعبّر عن ذاتها بكلّ حرّيّة وتتمتّع بأسلوب خاصّ في انتقاء الكلمات، فهي تتبع أحاسيسها الغنيّة بالتناقضات أحياناً، وهذا ما يميّزها عن سائر نجمات الغناء. يُعرف عنها بالمرأة التي لا تعرف الاستسلام، وظلّت وفيّة لهذه القاعدة طوال مسيرتها الفنّيّة التي تمتدّ منذ 20 عاماً والتي قدّمت فيها أعمالاً كثيرة حاكت المرأة وهمومها ومشاعرها، فكانت خير مثال على المرأة المناهضة والصامدة والصبورة، متسلّحة بايمانها الذي أوصلها إلى ما هي عليه اليوم. هي النجمة اللبنانيّة ياسمين حمدان.

تقيم حاليّاً المغنّية وكاتبة الأغاني والملحّنة والمنتجة ياسمين حمدان في باريس، وهي المدينة التي أجرينا في أحد قصورها التاريخيّة جلسة التصوير. اكتسبت شهرتها عبر فريق Soapkills الذي يُعتبر من أوائل فرق الموسيقى الإلكترونيّة في الشرق الأوسط، وتُعتبر حمدان من فنّانات الموسيقى الإلكترونيّة الباطنيّة أو Underground Music في الوطن العربيّ. أطلقت العام الفائت ألبوم "الجميلات"، الذي شكّل نقلة نوعيّة في مسيرتها، خصوصاً أنّها تبحث دائماً عن تطوير ذاتها وغالباً ما تجد نفسها في مرحلة تعيد فيها النظر في الحسابات جميعها.

اقرئي أيضاً: كارمن بصيبص: لا تخافي من قول لا

من هي ياسمين حمدان اليوم؟

حياتي ليست بروتينيّة، بل أبحث دائماً عن تطوير ذاتي وغالباً ما أجد نفسي في مرحلة أعيد فيها النظر في الحسابات جميعها، لأكتشف ذاتي من جديد. فالطريقة التي نرى فيها الآخر ما هي إلّا انعكاس للطريقة التي نرى فيها أنفسنا. ويستلزم ذلك تحديد الثابت والمتغيّر في حياتنا، فنتعامل مع الأمور بالأسلوب الأنسب لنا.

 

كيف تصفين هذه المرحلة من حياتك؟

بغضّ النظر عمّا وصلت إليه اليوم، اخترت الغناء مهنةً ومتعة في الوقت ذاته، وحياتي مرتبطة به كأيّ شخص يختار شغفه. لم تكن البداية سهلة أبداً، وحين أنظر إلى الوراء، أستنتج أنّها كانت صعبة للغاية، لكنّني رفضت الاستسلام وتسلّحت بشغفي وخلقت فرصاً جديدة. ومع مرور الوقت، أشعر بأنّني أكثر تصالحاً مع ذاتي، وترجمت ذلك في آخر ألبوماتي "الجميلات"، الذي عملت عليه في كلّ شاردة وواردة، إلى جانب فريق ساندني  طوال المشوار.

 

بماذا تسلّحت؟

تسلّحت بالحياة ورفضت الاستسلام، لأنّني أدركت أنّ هذا ما أريده في حياتي. حلمت بهذه اللحظة التي أنا فيها اليوم منذ الصغر، وحاربت مطبّات كثيرة واجهتني، ما نتج منها قرارات لم تكن سهلة آنذاك، خصوصاً أنّني أرفض التنازلات. لكنّني مقتنعة تماماً بكلّ خيار أخذته. كلّ ما رغبت فيه هو أن أكون فنّانة مقتنعة بما تنتجه وسعيدة به وأن أكون أفضل ممّا كنت عليه.

كيف تصفين النجاح؟

ليس مرتبطاً بالموهبة فحسب، إذ يؤدّي الحظّ دوراً بارزاً في هذه المعادلة، ناهيك عن الأشخاص الذين تلتقي بهم وأنت تسير على هذه الدرب والفرص المتاحة أمامك.

 

يصفك البعض بالمرأة الخجولة، في حين يرى فيك الآخرون المرأة القويّة والجبّارة. أيّ امرأة أنت؟

كنت خجولة للغاية في صغري، وساعدتني الموسيقى على تخطّي هذا الشعور، وكنت قويّة وحسّاسة في الوقت نفسه. تمرّ أحياناً بظروف تضعك في قالب لا تستطيع أن تتحكّم به، لا سيّما أنّه مرتبط أحياناً بأحاسيس تحتاج إلى الوقت لمعالجتها وفهم مصدرها وتبعاتها.

اقرئي أيضاً: ريم السعيدي‎: الحريّة خيار

أيّ امرأة أنت على المسرح؟

أكون كلّ النساء مجتمعات. أبدأ حفلي بخجل وأحتاج إلى بعض الوقت لأخرج من عباءتي، ثمّ أشعر بأنّني أطوف على المسرح، إلّا أنّ تفاعل الناس يعيدني إلى الخشبة من جديد، ومن ثمّ أشعر بأنّني ملكة المكان. والأغنيات التي أؤدّيها في هذا الحفل أو ذلك قد تؤدّي دوراً فعّالاً للمرأة التي أكون عليها.

هل تقرئين الآخر بسهولة؟

قد أشعر بالآخر، إنّما قد تخونني نظرتي إليه. لا شكّ في أنّني أفضّل أن أكون محاطة بأشخاص إيجابيّين في حياتهم، إذ أشعر بالطاقة السلبيّة مهما حاول الغير إخفاءها. أهمّ ما في الأمر هو أن تتبع طريقك الخاصّ وتكون مخلصاً لهدفك. فالنجاح يعني في النهاية أن تعيش حياتك سعيداً بالطريقة التي تريدها وأن تتّخذ قراراتك بمفردك وأن تخلق فرصاً لك في البيئة التي تعيش فيها.

 

هل تعيشين سلاماً داخليّاً في هذه الفترة؟

نعم ولا. لا شكّ في أنّنا جميعنا في مرحلة البحث عن الذات وإرساء قواعد السلام الداخليّ. قد نعيش هذه الحالة لفترة طويلة وقد يعترضها حدث ما يعكّر صفوها، والعكس صحيح. هذه الحال أشبه بدورة ارتداديّة متواصلة، إلّا أنّني أشعر حاليّاً بسعادة أكبر بكثير من قبل.

 

أشعر بأنّ الاستسلام لا يرد في قاموسك.

هذا صحيح، وربّما يكون هذا الأمر ناتج من عناد مسبق. قد أبكي وأحزن وأتألّم جرّاء إحساسي بالعجز أو الانكسار، غير أنّني أرفض الهزيمة، فأتحوّل حينئذ إلى محاربة شرسة وأستعيد كامل تركيزي، فأتخطّى هذه العتبة ﺑﻜﻞّ ﻣﺎ أﻭﺗﻴﺖ ﻣﻦ ﻗﻮّﺓ، حتّى أصل إلى النتيجة التي أطمح إليها.

إلى أيّ مدى ساهم زوجك المخرج الفلسطينيّ إيليا سليمان في تحقيق هذا السلام الذي تتّمتعين به حاليّاً؟

أنا سعيدة للغاية بوجوده في حياتي، فهو سند كبير لي من كلّ النواحي، وأشعر بأنّني محظوظة بلقائه والارتباط به. أدّى زوجي دوراً أساسيّاً ومهمّاً في تطوّري، فهو يرافقني على الدوام وفي كلّ مرحلة من حياتي. لا أخفي أنّني بحاجة إلى أن أحيط نفسي بأشخاص يلهمونني على الدوام، وإيليا خير مثال على ذلك.

اقرئي أيضاً: نينا عبد الملك: حلمي يستحق العناء‎‎

كنت وفيّة للمرأة العربيّة حتّى بعد انتقالك إلى فرنسا.

لا أغنّي للمرأة العربيّة فحسب، بل أتمنّى أن يكون الرجل دائماً جزءاً من أعمالي، لأنّني أؤمن بالمساواة بين الجنسين، وأعمالي أشبه بنافذة إلى الحالات المختلفة التي تعترينا نحن البشر. فالغناء بلهجتي الأمّ يذكرني دائماً بالمكان الذي أنتمي إليه. ألبومي الأخير "الجميلات" صدر في الوقت المناسب، وهو العمل الذي ترجم المشاعر التي أريد إيصالها بشفافيّة تامّة، حتّى أنّني وضعت ذاتي فيه، إن لناحية الإنتاج أو الكلمات

أو الألحان والتوزيع، وأشرفت على أدقّ تفاصيله. كذلك من المهمّ بالنسبة إليّ أن أحافظ على تلك العلاقة التي بنيتها مع المعجبين طوال أكثر من 20 عاماً. وبالرغم من أنّ جمهوري متنوّع، منه العربيّ ومنه الأجنبيّ، ومن أنّه ثمّة أشخاص لا يتحدّثون العربيّة ولا يفهمونها، يعي أنّ الموسيقى لغة عالميّة مشتركة ومساحة للتواصل.

أحييت حفلاً غنائيّاً في بيت لحم ضمن فعاليّات مهرجان الكمنجاتي 2018 في 14 أبريل المنصرم. أخبرينا عن هذه التجربة.

هي تجربة استثنائيّة بكلّ المقاييس ومؤثّرة وشيّقة.

 

ثمّة حركات نسائيّة كثيرة تجتاح العالم أجمع. كيف تنظرين إليها؟

هذه الحركة تكافح من أجل الوصول إلى الهدف المرجوّ، غير أنّ نضالها الشاقّ استطاع أن يحدث فرقاً كبيراً في العالم. لا أعلم لمَ ينظر البعض إلى المرأة وكأنّها مشكلة. يقع اللوم على المجتمعات التي حوّلتها إلى كائن ضعيف، لإبعاد الأعين عن مشاكلها الأساسيّة. تثقيف المجتمع من أساسيّات المجتمع الناجح والمتساوي، والأهمّ هو أن تتوافر ثقافة المواطنة في العالم العربيّ وأن تعي الشعوب أهمّيّتها.

 

ماذا تقولين للمرأة؟

أعبّر عن ذاتي عبر الشخصيّات النسائيّة في مخيّلتي قبل أن أحوّلها بطلات لأغنياتي، التي غالباً ما تحتوي على أبعاد اجتماعيّة ورسائل، ما يعزّز قوّتي في تمكين المرأة.

اقرئي أيضاً: تارا عماد: أنت سيّدة القرار

اكتب الكلمات الرئيسية في البحث