عندما‭ ‬تدرك‭ ‬المرأة‭ ‬قيمتها‭ ‬لن‭ ‬يشكّل‭ ‬الجندر‭ ‬عائقاً أمامها

بعد تعرّضها لإصابة في العام 2013 واضطرارها إلى استخدام كرسيّ نقّال طوال 4 أشهر، قرّرت غيدا أرناؤوط أن تستعيد حياتها وتذهب في رحلة بمفردها إلى النيبال. ومنذئذٍ، ازداد شغفها بالطبيعة والهواء الطلق. اكتشفي معنا في هذه المقابلة كيف ارتقت غيدا بشغفها إلى مستوى آخر عبر جمع الأموال لمؤسّسة خيريّة لبنانيّة من خلال تسلّقها قمّة في النيبال في العام 2018.

 

كيف قرّرت الذهاب في رحلة منفردة إلى النيبال في العام 2013؟ هل من وصفة معيّنة يمكنك مشاركتها مع قارئاتنا؟

في خلال فترة النقاهة بعد عمليّتي الجراحيّة، احتجت إلى الاعتماد على الناس من حولي في كلّ الأمور. وجلوسي في الكرسيّ المتحرّك جعلني أدرك أنّنا نعتبر من المسلّمات كلّ الأمور التي لا نظنّ أنّنا قد نفقدها يوماً كالمشي على سبيل المثال. كنت قد خسرت وظيفتي أيضاً في تلك الفترة وشعرت بأنّ عالمي ينهار. عشت حالة من الاكتئاب والإحباط واحتجت إلى القيام بعمل خارج منطقة راحتي للابتعاد والانفصال عن كلّ ما أعرفه. لذا عندما عدت ووقفت على رجليّ ومشيت من جديد، قرّرت حجز تذكرة سفر إلى النيبال، فلطالما أردت زيارة هذا البلد. واشتريت التذكرة بالرغم من أنّ والديّ عارضا الفكرة بشدّة. وكانت تلك الرحلة الفضلى في حياتي، إذ شعرت بالقوّة من جديد. وأشجّع الناس كثيراً على السفر بمفردهم، إذ سيعيشون حتماً تجربة مختلفة عن السفر مع الأصدقاء. فيصبح المرء منفتحاً أكثر للتعرّف إلى الناس في خلال الرحلة وللقيام بتجارب جديدة.

اقرئي أيضاً: عندما‭ ‬تلتقي 8 ‬فنّانات‭ ‬عربيّات‭ ‬متمكّنات‭ ‬في‭ ‬فيلم‭ ‬وثائقيّ‭ ‬واحد Strong‬‬

بعد رحلتك إلى النيبال، وجدت الوحي في الطبيعة والهواء الطلق. ما القصّة وراء ممارستك تسلّق الجبال ورياضة Wakeboarding؟

عندما سافرت إلى النيبال، لم يُسمح لي بالقيام بأيّ نشاط بسبب وركي ولم أستطع ممارسة الرياضة على أنواعها طوال عام كامل. وكان ذلك صعباً جدّاً بالنسبة إليّ لأنّني اعتدت ممارسة Wakeboarding والذهاب إلى معسكرات التدريب. وفي مطلع العام 2014، اقترح عليّ بعض الأصدقاء مرافقتهم إلى مخيّم في عمان وتجربة تسلّق الصخور. ووجدت أنّها فرصة لأعيش تجربة جديدة وغير مريحة بالنسبة إليّ، علّني أتخلّص من الاكتئاب والتوتّر. وما وجدت نفسي سوى معلّقة بالحبال بين صخور عمان وعلمت في تلك اللحظة أنّها لن تكون هذه المرّة الأخيرة التي أتسلّق فيها الصخور. وبعد ذلك اليوم، أصبحت الطبيعة والهواء الطلق جزءاً لا يتجزّأ من حياتي وباتت رسالتي في الحياة أن أسافر حول العالم لاستكشاف الطبيعة وممارسة رياضات الإثارة.

 

في العام 2016، شاركت في برنامج رياضات الإثارة والمغامرة Pulse of Adventure  على قناة Quest Arabiya وقمت في هذا البرنامج بأنشطة جريئة. أيّ منها كان الأبرز بالنسبة إليك؟

شكّلت مشاركتي في هذا البرنامج واحدة من التجارب الفضلى التي عشتها في حياتي، فسافرت في أرجاء منطقة الشرق الأوسط وتعلّمت رياضات جديدة. وكان هذا البرنامج أيضاً وسيلتي لأظهر للنساء حولي أنّ رياضات الإثارة ليست حكراً على الرجال. أمّا النشاط الأبرز بالنسبة إليّ فكان حتماً القفز من الطائرة بمفردي. وبعد القفز 5 مرّات في خلال يومين فحسب، شعرت بقوّة هائلة. ومن بين اللحظات الاستثنائيّة التي عشتها أيضاً كان تسلّق جبل توبقال في المغرب، بينما كنت المرأة الوحيدة في فريق من 12 رجلاً، والنزول بالحبال إلى عمق 140 متراً في بئرٍ طبيعيّ اسمه بالوع بلعة في لبنان.

اقرئي أيضاً: Mishmashi‭‬ كلمة‭ ‬ابتكرناها‭ ‬لنشجّع‭ ‬الناس‭ ‬على‭ ‬تقبّل‭ ‬أنّ‭ ‬ما‭ ‬يحبّونه

في شهر نوفمبر 2018، جمعت الأموال لجمعيّة BZKIDZ غير الحكوميّة التي تكرّس جهودها لتغذية الأطفال المحرومين في لبنان وتعليمهم من خلال تسلّق جبل في النيبال. هلّا تخبرينا أكثر عن تلك التجربة؟ وما أصعب جزء فيها؟

بعدما تركت عملي في أغسطس 2018، شعرت بالضياع والحيرة من أمري بالرغم من أنّني علمت أيضاً أنّه عليّ العمل أكثر من أجل شركتنا Life Happens Outdoors. لكنّني كنت آنذاك أترك وظيفتي وحياة العمل التي بدأتها منذ 12 عاماً، فانتابني القلق. لذا اتّخذت قرار السفر إلى النيبال مع شريكي رامي في آخر لحظة لنحاول تسلّق قمّة فيها. ولم أكن مستعدّة لهذه الرحلة سواء من الناحية الذهنيّة أو الجسديّة لكنّني قرّرت الذهاب بالرغم من ذلك. وأثناء التسلّق، بدأنا حملة خيريّة لجمع الأموال لمؤسّسة تعنى بالأطفال الذين يتمتّعون مثلنا بأحلامهم الخاصّة. وبالنسبة إليّ، إنّ تأمين التعليم للأطفال ومنحهم الأمل لتشجيعهم على تحقيق طموحاتهم أساسيّ لتأمين مستقبل أفضل للأجيال القادمة. وقضيت 20 يوماً في الجبال ووصلت إلى مخيّم Ama Dablam الرئيس على ارتفاع 4600 متر وتابعت المشوار بمفردي لتسلّق Island Peak في النيبال. ويوم وصولي إلى المخيّم الرئيس على ارتفاع 5400 متر، مرضت وعلمت بأنّه عليّ العودة. وإلى جانب النوم في خيم في درجات الحرارة الباردة، كانت تلك المرحلة أصعب جزء من تلك التجربة. لكنّ الأهمّ بالنسبة إليّ آنذاك كان تمكّننا من جمع المبلغ كلّه لهؤلاء الأطفال.

بما أنّك مغامرة وتحبّين المخاطرة، ما هو التحدّي الأكبر الذي واجهته يوماً؟

التحدّي الأكبر الذي لا أزال أواجهه حتّى اليوم هو حتماً شرح أسلوب حياتي لعائلتي ولمجتمعي. فأنا ابنة بيئة محافظة جدّاً يتوقّع فيها الجميع من النساء أن يصبحن ربّات منزل فحسب. أريد أن أرزق بأطفال يوماً ما، لكنّني أريد أن أعيش حياتي بشروطي الخاصّة.

 

لقد نجحت وتفوّقت في مجال الرياضة الذي يهيمن عليه الرجال بقوّة. كيف استطعت أن تثبتي نفسك باعتبارك امرأة وتؤدّي دوراً فعّالاً في هذا المجال؟

تغاضيت ببساطة عن كلّ ما قاله الناس لإحباط عزيمتي أو لإقناعي بأنّ هذا ليس ما يجب فعله باعتباري امرأة. لكنّني أردت أن تشعر النساء الأخريات والشابّات بأنّهنّ قادرات على فعل أيّ شيء عندما يرينَ ما أفعله.

 

النساء يحلمن بتسلّق سلّم النجاح، لكنّهنّ لا يزلن يخشين التمييز بين الرجل والمرأة. كيف تستطيع المرأة برأيك أن تتقدّم في حياتها المهنيّة مع مراعاة العادات والتقاليد؟

لطالما حقّقت النساء إنجازات هائلة منذ فجر التاريخ، سواء في العلوم أو المناضلة أو الرياضة، والقائمة تطول. لذا عندما تدرك المرأة قيمتها وتكون محترمة وتتمتّع بالكفاءة، لن يكون الجندر عائقاً على الإطلاق.

اقرئي أيضاً: Raneen Bukhari: ‬وصول‭ ‬المرأة‭ ‬إلى‭ ‬عالم‭ ‬الفنّ‭ ‬جعله‭ ‬أكثر‭ ‬شجاعة‭ ‬وشمولي

اكتب الكلمات الرئيسية في البحث