سحر الشمراني أوّل سعودية في القطب الجنوبي

من المناخ الصحراوي الحار إلى البرد القارس ودرجات الحرارة شديدة الانخفاض، خاضت السعودية سحر الشمراني مغامرة فريدة من نوعها؛ إذ قامت برحلة إلى القطب الجنوبي دامت نحو أسبوعين بهدف التوعية والتحذير من مخاطر ظاهرة الاحتباس الحراري والتغيرات المناخية، لتكون بذلك أول سعودية تحقق مثل هذا الإنجاز.

حدثتنا سحر وهي معدّة فقرات في برنامج "صباح الخير ياعرب" عن خلفيات هذا القرار الجريء، وعن خبايا هذه المغامرة الشيّقة والإنجاز النسائي والخليجي الكبير.

-         لا يختلف اثنان على أنّ هذه المغامرة بالغة الخطورة، فما الذي دفعك إلى اتّخاذ قرار بخوضها؟

استضفنا خلال العام الماضي في برنامج "صباح الخير ياعرب"، الشابة دانة الحمادي، وهي أوّل إماراتية تقوم برحلة إلى القطب الجنوبي. وفيما كنت أقوم بتحضير الصور لإذاعة الحلقة، شعرت بكثير من الغيرة عندما شاهدت صور فتاة تقف وسط الثلوج رافعة علم الإمارات في مغامرة عجيبة، فتساءلت في نفسي لِمَ لا أقوم بالشيء نفسه؟ وهكذا بدأت القصة.

-         ما هي الخطوات الأولى والتحضيرات التي كان عليك القيام بها قبل الشروع بهذه المغامرة؟

قمت في البداية بالتواصل مع المؤسسة المسؤولة عن هذه الرحلات وهي مؤسسة 2041 بقيادة العالم البريطاني روبرت سوان، ويكمن هدف هذه المنظمة الأساسي في توجيه رسائل توعية إلى العالم للحفاظ على البيئة. وبعد أن نلت الموافقة بدأت بمرحلة الإعداد، وبما أنّني أقيم في دبي فقد بدأت بالتزلج وممارسة التمارين في "سكي دبي" Ski Dubai الواقع في مول الإمارات، واستغرق الأمر حوالي سبعة أشهر، لأنّه كان عليّ تعلم كيفية تسلّق التلال دون انتعال أحذية خاصة، وعدم استخدام القفازات أثناء تواجدي على الثلج لمدّة ساعة من الزمن.

-         هل كنت السيدة الوحيدة المشاركة فيها؟

كان فريقنا مؤلّفاً من حوالي 72 شخصاً من 22 دولة مختلفة، كان بينهم عدد كبير من النساء، فقد شاركت 7 سيدات من الإمارات، فيما كنت الممثلة الوحيدة للملكة العربية السعودية، وكذلك حضرت سيدة من عُمان، وسيدة من لبنان، وأخرى من المغرب، ليصل عدد المشتركات إلى 38 سيّدة من أصل 72 شخصاً، حتّى أنّنا قمنا بالاحتفال بيوم المرأة العالمي هناك.

-         وهل شاهدتم بعض الحيوانات التي تعيش في تلك المنطقة خلال رحلتكم؟

شاهدنا حيتاناً تسبح بمحاذاة القوارب، وهذا ما جعلني أشعر برغبة في البكاء؛ فقد بلغنا حداً من الأنانية لم نعد خلاله نكترث بالحفاظ على حياة هذه الكائنات الجميلة والبيئة الطبيعية النادرة. وبعد أن أنهينا رحلة القوارب تلك، وصلنا إلى أحد الشواطئ وبما أنّ رحلتنا تزامنت مع موسم تجمع البطاريق، فقد رأينا أعشاش هذه الطيور القطبية التي كانت تمشي وتقفز بمحاذاتنا دون أن تبدي أيّ خوف منّا. بعد ذلك كان علينا تنفيذ ما تعلّمناه من تدريبات التسلق، لكن تسلّق الصخور يختلف تماماً عن تسلق الثلوج، فقد تعرّضنا كثيراً لمخاطر الانزلاق.

-         الهدف من رحلتكم هذه هو التوعية عن مضار الاحتباس الحراري، فهل لمستم الأضرار والتغييرات التي أحدثتها التحوّلات المناخية تلك؟

بالطبع، فنحن لم نتمكّن من النوم ليلة وصولنا، بسبب التقلّبات الجوية والمناخية التي شهدتها منطقة القطبين بسبب تأثرها بالتغيّرات الحاصلة على الكوكب، فقد هطلت الأمطار في القطبين للمرة الأولى، وقد تضايقنا كثيراً لذلك، إلا أنه توجب علينا الإستمرار بحسب الجدول المحدّد، واضطررنا لأن نتّخذ من الثلج حاجزاً لنا، وسرنا ضمن مجموعات مقسّمة إلى 6 أشخاص. لكن وبما أنّني لم أكن معتادة على الأمطار فقد تأثّرت بذلك، فقد تبلّل قفّازاي وكان الأمر عسيراً للغاية. وشعرت أيضاً كما لو أنّني كنت أحمل لوحاً ثلجياً على ظهري، وكلّ ذلك بسبب تقلّبات الجو. بعد ذلك اشتدّت الرياح، وكان المشرفون على الرحلة غاية في التوتر خوفاً من حدوث مكروه ما لا قدّر الله؛ لذا فقد اقترحوا علينا العودة إلى السفينة حيث الدفء والأغطية الوثيرة.

-         هل من تغييرات طرأت على نمط حياتك بعد عودتك من هذه الرحلة؟

بالطبع، إذ أنّ الهدف من رحلتي إلى القطب الجنوبي لم يقتصر على إشباع روح المغامرة لدي، فما قمت به يأتي ضمن الحملات الحثيثة التي تُبذل لتثقيف العالم حول أهمّية الحفاظ على البيئة للأجيال القادمة. ولقد استفدت كثيراً من رحلتي تلك؛ إذ شاهدت ما يجري في القطب الجنوبي من تغيّرات خطيرة جراء ظاهرة الاحتباس الحراري. وما إن عدت إلى منزلي، حتّى أخذت أعلّم ابنتي الصغيرة ضرورة استخدام سلات المهملات المخصّصة لإعادة التدوير في المنزل، فثمّة سلة مخصّصة للأوراق، وسلةّ للمخلفات الزجاجية، وأخرى للعبوات المعدنية الفارغة وغيرها. وقد حاولت أن أنشر هذا المفهوم بين أفراد أسرتي وجاراتي وصديقاتي وزميلاتي في العمل. كما أنّني بت أكثر حرصاً على ضرورة ترشيد استهلاك الكهرباء، فعند الانتهاء من عمل ما عليك قطع التيار عن الأجهزة الكهربائية كلّها، وتجنّب استخدام الكهرباء دونما حاجة حقيقية لها في المنزل، وكذلك هو الحال بالنسبة إلى استخدام المياه.

-         ما الذي حاولت إثباته من خلال خوض هذه المغامرة الخطيرة؟

حاولت أن أثبت للعالم أنّ النساء، وبغضّ النظر عن جنسيّاتهنّ، قادرات على قهر المستحيل وتخطّي الصعاب. كما أنّني تعلمت الكثير من وجودي مع 72 شخصاً من 22 دولة يتمتّعون بطباع مختلفة وأديان وثقافات متعددة. وأكثر ما لفت انتباهي هو نسبة السيدات اللاتي كنّ يمثلنّ الأغلبية بحوالي 38 سيدة يجمعهنّ هدف واحد هو خوض مغامرة جديدة لا تقتصر على الرجال فقط. وقد تبيّن لي أنّ البشر أنانيون بتعاملهم مع الطبيعة؛ إذ أنّنا لا نحافظ على النعم التي منّ الله عزّ وجل بها علينا، ولا يعنينا الحفاظ على البيئة من أجل أبنائنا والأجيال القادمة. كما كانت هذه الرحلة بالنسبة لي بمثابة فرصة للحديث عن تطوّر المملكة العربية السعودية، وإنجازات الملك عبد الله بن عبد العزيز حفظه الله، والمراتب التي وصلت إليها السيدة السعودية في شتى الميادين.

-         وكيف كانت ردّة فعل المجتمع السعودي ونظرته إلى هذه التجربة برمّتها؟

وجدت في المجتمع السعودي فريقاً مؤيداً لما أقوم به وآخر معارضاً له، لكنّني أدرك أنّ سلوك أيّ طريق جديد لن يكون سهلاً وأنّه سيكون مليئاً بالعقبات، والشخص الناجح وحده هو من يتمكّن من عبوره وأخذ العبر من تجربته. وما زلت حتّى اليوم، أتلقّى العديد من الرسائل الإلكترونية من سيدات من مختلف أنحاء الوطن العربي يتمنين فيها القيام بمثل هذه التجربة ويسألن عن كيفية التواصل مع العالم البريطاني روبرت سوان.

-         وهل تنوين إعادة هذه التجربة أم أنّك تفضّلين خوض مغامرة أخرى؟

أظنّ أنّني لم أكتفِ ممّا حقّقته في هذه التجربة. لذا، فقد طلبت من العالم البريطاني روبرت الذي نظّم الرحلة السابقة أن يبقى على تواصل معي في حال قرّر تنظيم رحلة أخرى ولكن إلى القطب الشمالي هذه المرة. (تضيف ضاحكة) قد أكون أول سيدة سعودية تصل إلى القمر، الله أعلم!

[gallery ids="1548,1547,1546,1545,1544"]

اكتب الكلمات الرئيسية في البحث