ثمن الدراسة في الخليج:أمـهات يشاركــن همومهنّ

ينتقل الأفراد إلى منطقة الخليج باحثين عن الوظائف ومعيشة محترمة، فتنتقل معهم عائلاتهم. ومن أولويات الأمهات تسجيل أولادهنّ في المدارس والبحث عن المناهج التعليمية المناسبة لهم. يبدو الأمر واضحاً وبسيطاً، ولكن للأسف إن الموضوع أكثر تعقيداً مما يبدو... فإليك ما تقوله الأمهات المغتربات عن خبراتهن الإيجابية والسلبية مع النظم التعليمية في الخليج.

إقرئي أيضاً: الشابات اللبنانيات في الإمارات وهاجس “العنوسة” ، هل يعود تاج الجمال من جديد؟ ، أزياء لاكوست لربيع وصيف2017: الراحة والأناقة .

لاكتشاف المزيد حول الموضوع، حدّثنا عدّة أمهات من جميع أنحاء الخليج لنرى المشاكل التي يعانينها، ولفتتنا معاناة السيدات من جراء أمرين أساسيين: الأقساط المدرسية الباهظة (إضافة إلى التكاليف المتفرقة)  واندراج أولادهنّ في لائحة الإنتظار عوضاً عن التسجيل بشكل مباشر.

تكاليف مدرسية باهظة

قالت السيدة أمل، الجزائرية الفرنسية القاطنة في دبي، إنها وجدت صعوبة في اختيار مدرسة لابنتها البالغة من العمر أربع سنوات، نظراً إلى تعدّد الثقافات والمدارس الخاصة. ولكن بعد تعب وبحث، وقع اختيارها على مدرسة بريطانية تقدّم شهادة معتمدة دولياً ويرتفع قسطها إلى 25000 درهم للسنة الدراسية. لكنها عبّرت عن صدمتها إزاء الأقساط المدرسية الباهظة في دبي والتي برأيها تتعدى قدرة العائلات ذات المداخيل المتوسطة، فتصل بعضها إلى 50000 درهم لطفل في المرحلة التحضيرية. وهناك مدارس رخيصة نسبياً، لا تتعدى أقساطها 10000 درهم سنوياً، لكنّ معظمها غير معتمدة دولياً. أما المدارس متوسطة المستوى والتي تضم جنسيات عربية وأوروبية، فتتراوح أسعارها بين 20000 و27000 درهم، لكن لديها قائمة انتظار طويلة، فتضطرّ الأم إلى حجز مكان قبل ستة أشهر على الأقل.

هذا وأضافت السيدة أمل أن المصاريف المدرسية لا تقتصر على القسط، إذ هناك رسوم تسجيل وتأكيد للحجز قد تصل إلى 3000 درهم. ناهيك عن مصاريف إضافية مثل النشاطات والزيّ المدرسي الذي فرضت عليها إدارة المدرسة أن تبتاعه من أحد أغلى متاجر دبي لثياب الأطفال، حيث تباع العلامات الفاخرة باهظة الثمن.

أما السيدة البريطانية Caroline، المقيمة في المملكة العربية السعودية، فأشارت إلى أنها تدفع حالياً ما يقارب 120000 ريال سعودي كمجموع لأقساط ولديها المدرسية، وذلك في إحدى المدارس الأميركية في المملكة. وهي بلا شكّ ترى أن تلك الأقساط باهظة، لكنّ مستوى التعليم جيّد والتكلفة مساوية لما قد تدفعه في مدرسة خاصة في المملكة المتحدة. كان بالإمكان البقاء في بلادها وتسجيل ولديها المراهقين في مدرسة رسمية مجانية، لكن وحدة العائلة أهمّ، وتعتبر المبلغ السنوي الذي تدفعه حالياً إستثماراً في مستقبل ولديها.

القروض المصرفية لتغطية الأقساط

أما في العاصمة القطرية الدوحة، فالحال ليس أفضل، حيث اعترفت لنا السيدة فرح، اللبنانية الجنسية، أنها سجلت ابنها البالغ من العمر أربع سنوات في مدرسة Summit Academy وقسطها 12000 ريال قطري للروضة، مع العلم أن القسط يزيد كل سنة، مؤكدة أنها لم تجد مقعداً مدرسياً لابنها إلا في تلك المدرسة، نظراً إلى صعوبة إيجاد أماكن شاغرة في المدارس وإلى لوائح الإنتظار الطويلة. أما عن المدارس "المرموقة"، فقالت السيدة فرح أنها تتعدى قدرة العائلات ذات

المداخيل المتوسطة وفي الحقيقة هي "للخليجيين والأجانب فقط". كما اعترفت أنها وزوجها اضطرّا إلى أخذ قرض من المصرف لتغطية تكاليف مدرسة ابنهما، إضافة إلى المصاريف الحياتية التي لا تنفكّ تتضاعف عاماً بعد عام. وأضافت أن العودة مع ابنها إلى لبنان احتمال وارد، بسبب الضيقة المادية، بخاصّة إن لم تجد عملاً في المستقبل القريب لمساعدة زوجها.

ومن ثم هناك Karen، السيدة الفيليبنية التي اقترضت وزوجها من المصرف لتغطية قسط مدرسة ابنتهما البالغة من العمر خمس سنوات. وتقول السيدة الشابة أنهما فضلا القيام بذلك على الإبتعاد عن ابنتهما وتركها في الفيليبين، على الرغم من الأقساط المدرسية الباهظة في الإمارات التي قد تُدخل ابنتهما إلى مدرسة مرموقة في موطنهما. وأشارت Karen إلى أنها تعرف عدة عائلات تعاني لتأمين القوت اليومي من جراء تكاليف دراسة أولادهم.

ثمن الدراسة الباهظ يؤدي إلى انقسام العائلات

تعمل السيدة الأميركية Amy Jones منذ ثمانية أشهر في المملكة العربية السعودية، كمدرسة في إحدى الجامعات. وقد تركت وراءها أربعة أولاد من جراء عدم قدرتها أو زوجها على تغطية الأقساط المدرسية الباهظة في مدارس المملكة. ولكنها لن تأخذ قرضاً من المصرف لتأمين تلك الأقساط، فإن المجموع يساوي ثلاث أضعاف راتبها السنوي. وترى Amy أن المدارس الأميركية والبريطانية تتمتع بمستوىً جيد. ولكنها على الرغم من مستواها، فلا تستحق المبالغ الباهظة التي تفرضها والتي على حدّ قولها، قد تفلس عائلتها.

ماذا تقول المعلمة؟

الآنسة رنا (إسم مستعار) مدرّسة سابقة في المدرسة اللبنانية في الدوحة، وهي مدرسة تعتمد المنهج اللبناني ولا يرتادها الأجانب. وتقول رنا إن الأقساط المدرسية معقولة إلى حدّ ما، وتتراوح ما بين 12000 ريال و18600 ريال في المدرسة الثانوية. وإن العائلات المؤلفة من ولد أو ولدين تتدبر أمرها، لكن الذين لديهم أكثر من ولدين يعانون في دفع الأقساط التي تتزايد عامأ بعد عام، وقد اشتكى بعض الأهالي من هذا الموضوع على مسمعها. كما اعترفت الآنسة رنا أنها سمعت عن حالات حيث منعت المدرسة التلاميذ من القدوم إلى الصف من جراء تأخير في دفع رسوم التسجيل. لكن، وعلى الرغم من مستوى المدرسة الجيد وأقساطها المرتفعة إلى حد ما، تقول الآنسة رنا إن رواتب المدرّسين منخفضة ولا تتوافق مع التكاليف الحياتية المرتفعة في قطر.

اكتب الكلمات الرئيسية في البحث