دبلوماسية المرأة في مكان العمل

قرأت اليوم مقالاً موجهاً للسيدات عن الدبلوماسية في مكان العمل. لا شكّ في أنه كان مقالاً ساخراً، إذ استعرض من خلال حوارات مصوّرة، كيف يمكن للمرأة التي تشغل منصباً إدارياً، أن تتصرف "بدبلوماسية" بهدف مراعاة شعور الموظفين الرجال لديها وكبريائهم. ورافق المقال رسماً كارتونياً يصوّر المرأة تطلب من الموظف القيام بأمر ما مع تحديد المهلة المتاحة، وذلك بلهجة الأمر، وإلى جانبها أخرى تطلب رأي الموظف بشكل يفوق اللطافة عما إذا كان يوافق على المهلة. كما هناك التي تعبّر عن أفكارها بالصيغة المباشرة قائلة: "لديّ فكرة!"، وإلى جانبها التي تلفلف أفكارها وتقول بتردّد: "إني أفكر بصوت عالٍ هنا...".

بصفتي امرأة، شعرت بالإهانة بشكل غير مباشر، بخاصّة أن المقال يصوّر الواقع الذي تعيشه العديد من سيدات الأعمال والإداريات في مكان العمل... كنت أتحادث منذ فترة مع صديقة تشغل منصباً إدارياً في إحدى الشركات في دبي، وأفصحت لي عن أمر يضايقها كثيراً بجملة واحدة: "إن الموظفين الرجال لا يأخذونني على محمل الجدّ وأضطرّ إلى المسايرة كلما أردت أن أطلب منهم إنجاز أي مهمة". إن صديقتي سيدة لطيفة جداً، ولكن هل ينفع اللطف المطلق حين يشغل المرء منصباً كمنصبها؟ ولم على المرأة أن تخفض صوتها وتساير وتقلل من أهمية دورها وأفكارها، ومن أجل ماذا؟ بهدف عدم إشعار زملائها الرجال بالتهديد؟

لا شكّ في أن تلك المشكلة عالمية وتتعرض لها الكثيرات أينما كنّ، لكنّ السياق العربي يشكل تحدياً مضاعفاً للإداريات وسيدات الأعمال، نظراً إلى العقليات المحلية المحافظة حيث يتوقع المجتمع من المرأة أن تتصرّف وتتحدث بشكل معيّن، لكي لا تظهر أن شخصيتها أقوى من شخصية الرجل. فتلجأ المرأة إما إلى اللطافة والدبلوماسية المطلقتين، إما إلى القسوة والترهيب بهدف السيطرة على فريق عملها الذكوري ودفعهم إلى أخذها على محمل الجدّ. ويؤسفني صراحة أن أرى مثل تلك الحالات، حيث يتم غضّ النظر عن قدرات المرأة والتركيز على شخصيتها كعامل يدفع بالزملاء إلى احترام منصبها وآرائها... فإلى متى؟

Twitter: @myr_naj

اكتب الكلمات الرئيسية في البحث